يئس عدو الله إبليس من إبراهيم اعترض إسماعيل وهو وراءَ إبراهيم يحمل الحبل والشَّفرة، فقال له: يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: يحطب أهلنا من هذا الشّعب، قال: والله ما يريد إلا أنْ يذبحك، قال: لِمَ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قال: فليفعل ما أمره به ربه، فسمعًا وطاعةً. فلما امتنع منه الغلام ذهب إلي هاجر أم إسماعيل وهي في منزلها، فقال لها: يا أمّ إسماعيل، هل تدرين أين ذهب إبراهيم بإسماعيل؟ قالت: ذهب به يحطبنا من هذا الشِّعب، قال: ما ذهب به إلا ليذبحه، قالت: كَلّا هو أرحمُ به وأشد حبًّا له من ذلك، قال: إنّه يزعم أن الله أمره بذلك، قالت: إن كان ربه أمره بذلك فتسليمًا لأمر الله. فرجع عدوّ الله بغيظه لم يصب من آل إبراهيم شيئًا مما أراد، وقد امتنع منه إبراهيم وآل إبراهيم بعون الله، وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة، فلما خلا إبراهيم بابنه في -الشِّعب وهو فيما يزعمون شعب ثَبِير- قال له: يا بنيّ، إني أري في المنام أني أذبحك. قال: يا أبت افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين (١). (١: ٢٧٤/ ٢٧٥).
٤٢٤ - قال ابن حميد: قال سلمة: قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم: إن إسماعيل قال له عند ذلك: يا أبت إن أردت ذبحي فاشدد رباطي، لا يُصبْك مني شيءٌ فينقص أجري، فإن الموت شديد، وإفي لا آمن أن أضطربَ عنده إذا وجدت مسّه، واشحذْ شفرتك حتى تُجهز عليّ فتريحني، وإذا أنت أضجعتَني لتذبحني فكبَّني لوجهي علي جبيني ولا تُضجعْني لشقيّ، فإني أخشي إن أنت نظرت في وجهي أن تدركك رقةٌ تحولُ بينك وبين أمر الله فيّ، وإن رأيت أن ترُدَّ قميصي علي أمّي فإنه عسى أن يكون هذا أسلَي لها عنِّي، فافعل. قال: يقول له إبراهيم: نعْمَ العونُ أنت يا بنيّ علي أمر الله. قال: فرَبطه كما أمره إسماعيل فأوثقه، ثم شحذ شفرَته ثم تلّه للجبين واتقي النظر في وجهه، ثم أدخل الشَّفرة لحلقه فقلبها الله لقفاها في يده، ثم اجتنبها إليه ليفرغ منه، فنودي: أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرؤيا، هذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه، يقول الله عزَّ وجلَّ {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} وإنما تتَلّ الذبائح علي خدودها، فكان مما صدق عندنا هذا الحديث عن إسماعيل في إشارته علي أبيه بما أشار إذ قال: كبني