ورسول الله كان أعلمَ خلق الله بالكائن من الأمور الماضية، والكائن منها، والذي لم يكن بعد (١). (١: ٣٦٦).
٦٣٨ - حدثنا محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس؛ قوله: ميو {وَإِذْ قَال مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَينِ. . .} الآية، قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر نزل قومه مصر، فلما استقرّت بهم الدار، أنزل الله عزّ وجلّ عليه: أن ذكِّرهم بأيام الله. فخطب قومه، فذكَر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكَرهم إذ أنجاهم الله من آل فرعون، وذكّرهم هلاك عدوهم، وما استخلفهم [الله] في الأرض، فقال: وكلم الله موسى نبيكم تكليمًا، واصطفاني لنفسه، وأنزل عليّ محبة منه، وآتاكم الله من كلّ ما سألتموه، فنبيكم أفضلُ أهل الأرض وأنتم تقرؤون التوراة. فلم يترك نعمةً أنعمها الله عليهم إلا ذكرها وعرَّفها إياهم، فقال له رجل من بني إسرائيل: هو كذلك يا نبيّ الله، وقد عرفْنا الذي تقول، فهل على الأرض أحدٌ أعلم منك يا نبيّ الله؟ قال: لا، فبعث الله عزّ وجلّ جبرئيل عليه السلام إلى موسى - عليه السلام - فقال: إن الله تعالى يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى إن على شطّ البحر رجلًا أعلم منك -قال ابن عباس: هو الخضر- فسأل موسى ربه أن يريَه إياه، فأوحى الله إليه أن ائت البحر، فإنك تجد على شطّ البحر حوتًا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شطّ البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك؛ فَثمّ تجد العبد الصالح الذي تطلب.
فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه:{قَال أَرَأَيتَ إِذْ أَوَينَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إلا الشَّيطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} لك. قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا. فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدّم عصاه يفرج بها عنه الماء، يتبع الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من الماء إلا يبس حتى يكون صخرة، فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر