يلتمسه الناس، وكان ذلك مما زين له أن يقول ما يقول: إنه ليس من الناس بشبه (١). (١: ٤٠٥/ ٤٠٧).
٦٦٤ - فحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمَة عن ابن إسحاق، قال: حدِّثت عن وهب بن منبّه اليمانيّ، قال: فمشى بضعًا وعشرين ليلة، حتى كادت نفسه أن تخرج، ثم استمسك فقال لملئه:{إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} أي: ما ساحر أسحر منه، {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} أقتله؟ فقال مؤمن من آل فرعون- العبد الصالح وكان اسمه فيما يزعمون حبرك:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} بعصاه ويده! ثم خوّفهم عقاب الله وحذرهم ما أصاب الأمم قبلهم، وقال:{يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَال فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَادِ}. وقال الملأ من قومه- وقَدْ وهنهم من سلطان الله ما وَهنهم: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ}، أي كاثِره بالسحرة لعلك أن تجد في السحرة من جاء بمثل ما جاء به. وقد كان موسى وهارون خرجا من عنده حين أراهم من سلطان الله ما أراهم، وبعث فرعون مكانه في مملكته فلم يترك في سلطانه ساحرًا إلا أتى به؛ فذكر لي -والله أعلم- أنه جمع له خمسةَ عشرَ ألف ساحر، فلما اجتمعوا إليه أمرهم أمره، فقال لهم: قد جاءنا ساحر ما رأينا مثله قَطّ، وإنكم إن غلبتموه أكرمتكم وفضّلتكم وقرّبتكم على أهل مملكتي، قالوا: إن لنا ذلك [عليك] إن غَلَبْناه! قال: نعم، قالوا: فعدْ لنا موعدًا نجتمع نحن وهو، فكان رؤوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى: ساتور، وعادور، وحطحط، ومصفى؛ أربعة، وهم الذين آمنوا حين رأوا ما رأوْا من سلطان الله، فآمنت السحرةُ جميعًا وقالوا لفرعون حين توعدهم القتلَ والصلب:{قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}. فبعث فرعون إلى موسى: أن اجعل {بَينَنَا وَبَينَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (٥٨) قَال مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}، يوم عيد كان فرعون يخرج إليه، {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}، حتى يحضروا أمري وأمرك، فجمع فرعون الناس لذلك الجمع، ثم أمر السحرة فقال:{ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى}، أي: قد أفلح من استعلى اليوم على