٦٦٥ - رجع الحديث إلى حديث السديّ: وأما السديّ فإنه قال في خبره: ذُكِر: أن الآيات التي ابتلى الله بها قوم فرعون كانت قبل اجتماع موسى والسحرة، وقال: لما رجع إليه السهم ملطخًا بالدم قال: قد قتلنا إله موسى. ثم إن الله أرسل عليهم الطوفان -وهو المطر- فغرق كلُّ شيء لهم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشفْ عنَّا، ونحن نؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فكشفه الله عنهم، ونبتت زروعهم، فقالوا: ما يسرُّنا أنا لن نُمْطرَ. فبعث الله عليهم الجراد فأكل حروثهم، فسألوا موسى أن يدعوَ ربَّه فيكشفه ويؤمنوا به، فدعا فكشفه، وقد بقي من زروعهم بقية، فقالوا: لن نؤمن وقد بقي لنا من زروعنا بقية، فبعث الله عليهم الدبّا -وهو القُمّل- فلحس الأرض كلَّها، وكان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده فيعضّه، وكان أحدُهم يأكل الطعام فيمتلئ دبًا حتى إن أحدهم ليبني الأسطوانة بالجصّ والآجرّ، فيُزْلِقها حتى لا يرتقى فوقها شيء [من الذباب، ثم] يرفع فوقها الطعام، فإذا صَعد إليه ليأكله وجده ملَان دبًا، فلم يصبهم بلاء كان أشدّ عليهم من الدبا، وهو الرِّجز الذي ذكره الله في القرآن أنه وقع عليهم. فسألوا موسى أن يدعوَ ربه فيكشفه عنهم ويؤمنوا به، فلما كُشف عنهم أبوْا أن يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الدم، فكان الإسرائيليّ يأتي هو والقبطي فيستقيان من ماء واحد، فيخرج ماء هذا القبطي دمًا، ويخرج للإسرائيليّ ماء. فلما اشتدّ ذلك عليهم سألوا موسى أن يكشفه ويؤمنوا به فكُشِف ذلك عنهم، فأبوْا أن يؤمنوا، فذلك حين يقول الله:{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} ما أعطوْا من العهود، وهو حين يقول:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} -وهو الجوع- {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}.
ثم إن الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى وهارون أن:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فأتياه فقال له موسى: هل لك يا فرعون في أن أعطيَك شبابك ولا تهرم، وملكك لا ينزع منك، ويردّ إليك لذّة المناكح والمشارب والركوب، فإذا متّ دخلت الجنة؟ تؤمن بي! فوقعت في نفسه هذه الكلمات، وهي اللينة، فقال: كما أنت حتى يأتي هامان. فلما جاء هامان قال له:[أشعرت] أن ذلك الرجل أتاني؟ قال: من هو؟ -وكان قبل ذلك إنما يسمّيه الساحر، فلما كان ذلك اليوم لم يسمّه الساحر- قال فرعون: موسى، قال: وما قال لك؟ قال: