للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} فقتّلهم وقطَّعهم -كما قال عبد الله بن عباس- حين قالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَينَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}. قال: كانوا في أول النهار سَحرة، وفي آخر النهار شهداء.

ثم أقبل على بني إسرائيل فقال له قومه: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}، وآلهتُه -فيما زعم ابن عباس- كانت البقر، كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج لهم عجلًا بقرة.

ثم إن الله تعالى ذكره أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل فقال: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي} ليلًا {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} فأمر موسى بني إسرائيل أن يخرجوا، وأمرهم أن يستعيروا الحليّ من القبْط، وأمر ألّا ينادي إنسان صاحبَه، وأن يُسرجوا في بيوتهم حتى الصبح، وأنّ من خرج إذا قال: موسى، قال: "عمرو". وأمر مَنْ خرج يلطخ بابه بكفّ من دم حتى يعلم أنه قد خرج. وإن الله أخرج كلّ ولد زنى من القِبْط من بني إسرائيل إلى بني إسرائيل، وأخرج كلّ ولد زنى من بني إسرائيل من القِبْط إلى القِبط، حتى أتوا آباءهم.

ثم خرج موسى ببني إسرائيل ليلًا والقِبْط لا يعلمون، وقد دعوا قَبْل ذلك على القبط، فقال موسى: {رَبَّنَا {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} إِنَّكَ آتَيتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إلى قوله: {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}، فقال الله تعالى: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} فزعم السديّ: أن موسى هو الذي دعا وأمَّن هارون، فذلك حين يقول الله: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} وقوله: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ} فذكِرَ: أن طمْس الأموال: أنه جعل دراهمهم ودنانيرهم حجارة، ثم قال لهما استقيما، فخرجا في قومهما، وألقيَ على القِبْط الموتَ، فمات كل بِكْر رجل، فاصبحوا يَدفنونهم، فشُغِلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس، فذلك حين يقول الله: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ}.

وكان موسى على سَاقة بني إسرائيل، وكان هارون أمامَهم يقدمهم، فقال المؤمن لموسى: يا نبيّ الله، أين أمِرت؟ قال: البحر، فأراد أن يقتحم فمنعه موسى، وخرج موسى في ستمئة ألف وعشرين ألف مقاتل، لا يَعدُّون ابن العشرين لصغره ولا ابنَ الستين لِكبَره، وإنما عَدُّوا ما بين ذلك سوى الذريّة، وتبعهم فرعون، وعلى مقدمته هامان، في ألف ألف وسبعمئة ألف حصان، ليس فيها ماذيانة، وذلك حين يقول الله: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>