عليهم الحديد فأخذته بنو إسرائيل يمثّلون به، وذلك قول الله لفرعون:{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}؛ يقول: لبني إسرائيل آية. فلما أرادوا أن يسيروا ضُرِب عليهم تيهٌ، فلم يدروا أين يذهبون، فدعا موسى مشيخة بني إسرائيل فسألهم: ما بالُنا؟ فقالوا له: إن يوسف لما مات بمصر أخذ على إخوته عهدًا ألّا تخرجوا من مصر حتى تخرجوني معكم، فذلك هذا الأمر، فسألهم: أين موضع قبره؟ فلم يعلموا، فقام موسى ينادي: أنشِد الله كلَّ مَنْ كان يعلم أين موضع قبر يوسف إلا أخبرني به، ومن لم يعلم فصمَّتْ أذناه عن قولي! وكان يمرّ بين الرجلين ينادي فلا يسمعان صوته، حتى سمعته عجوز لهم فقالت: أرأيتكَ إن دللتُك على قبره أتعطيني كلّ ما سألتك؟ فأبى عليها وقال: حتى أسأل ربي، فأمره الله عزّ وجلّ أن يعطيَها، فأتاها فأعطاها، فقالت: إني أريد أن لا تنزلَ غرْفة من الجنة إلا نزلتُها معك، قال: نعم، قالت: إني عجوز كبيرة لا أستطيع أن أمِشيَ فاحملْني، فحملها، فلما دنا من النيل، قالت: إنه في جوف الماء، فادعُ الله أن يُحسِر عنه الماء، فدعا الله فحسر الماءَ عن القبر، فقالت: احفرْه، ففعل فحمل عظامه، ففتح لهم الطريق، فساروا، {فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَال إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ} -يقول: مهلك ما هم فيه- {وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(١). (١: ٤١٠/ ٤١١ / ٤١٢/ ٤١٣ / ٤١٤/ ٤١٥ / ٤١٦/ ٤١٧).
٦٦٦ - فأما ابنُ إسحاق، فإنه قال: -فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عنه- فتابع الله عليه بالآيات -يعني: على فرعون- وأخذه بالسنين إذ أبي أن يؤمن بعد ما كان من أمره وأمر السحرة ما كان، فأرسل عليه الطوفان، ثم الجراد، ثم القمَّل، ثم الضفادع، ثم الدم آيات مفصَّلات، أي: آية بعد آية، يتبع بعضُها بعضًا، فأرسل الطوفانَ وهو الماء، ففاض على وجه الأرض ثم ركد، لا يقدرون على أن يحرثوا، ولا يعملوا شيئًا، حتى جهدوا جوعًا، فلما بلغهم ذلك {قَالُوا يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}. فدعا موسى ربه فكشفه عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الجراد فأكل الشجر -فيما بلغني حتى إنه كان