{هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}. يقول: ترك موسى إلهه هاهنا، وذهب يطلبه فعكفوا عليه يعبدونه، وكان يخور ويمشي، فقال لهم هارون:{يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ} يقول: إنما ابتليتم به، يقول: بالعجل، {وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}، فأقام هارون ومن مَعه من بني إسرائيل لا يقاتلونهم، وانطلق موسى إلى إلهه يكلمه، فلما كلّمه قال له: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (٨٣) قَال هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤) قَال فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}. فلما أخبره خبرهم قال موسى: يا رب هذا السامريّ أمرهم أن يتّخذوا العجل، أرأيتَ الروحَ منْ نفخها فيه؟ قال الربّ: أنا. قال: رَبّ أنْتَ إذًا أضللتهم.
ثم إن موسى لما كلمه ربُّه أحبّ أن ينظر إليه، {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ قَال لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} فحَفّ حولَ الجبل الملائكة، وحُفّ حول الملائكة بنار، وحُفَّ حول النار بملائكة، وحول الملائكة بنار، ثم تجلّى ربه للجبل (١). (١: ٤٢٢/ ٤٢٣).
٦٧٧ - فحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، قال: حدثني السديّ، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، أنه قال: تجلّى منه مثل طرَف الخنصر، فجعل الجبلَ دكًّا وخرّ موسى صعقًا، فلم يزل صَعِقا ما شاء الله، ثم أنه أفاق فقال: {يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٤٤) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيءٍ} من الحلال والحرام، {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ}، يعني بجدّ واجتهاد {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا} أي بأحسن ما يجدون فيها. فكان موسى بعد ذلك لا يستطيع أحد أن ينظر في وجهه، وكان يُلْبِس وجهه بحريرة، فأخذ الألواحَ ثم رجعَ إلى قومِه {غَضْبَانَ أَسِفًا} ـ يقول: حزينًا {قَال يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} -إلى- {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} يقولون: بطاقتنا، {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} يقول: من حُليّ القبط {فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}، ذلك حين قال لهم هارون: احفِروا لهذا الحلْي حُفرة، واطْرحوه فيها، فطرحوه فقذف