للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السامريّ تربته، فألقى موسى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه، {قَال يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَينَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}. فترك موسى هارون، ومال إلى السامري، فقال: {فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ}، قال السامرِّي: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} إلى: {فِي الْيَمِّ نَسْفًا}. ثم أخذه فذبحه، ثم حرفهُ بالمبرد ثم ذراه في البحر، فلم يبق بحر يجري إلا وقع فيه شيءٌ منه، ثم قال لهم موسى اشربوا منه فشربوا، فمن كان يحبه خرج علي شاربه الذهب، فذلك حين يقول: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}. فلما سُقِط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى {وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. فأبى الله أن يقبل توبةَ بني إسرائيل إلا بالحال التي كرهوا أن يقاتِلُوهُمْ حين عبدوا العجل، فقال لهم موسى: {يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف، فكان من قُتِل من الفريقين شهيدًا، حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا، حتى قتل بينهم سبعون ألفًا، حتى دعا موسى وهارون: رَبّنا هلكتْ بنو إسرائيل! ربَّنا البقية البقية! فأمرهم أن يضعوا السلاح، وتاب عليهم، فكان من قُتِل كان شهيدًا، ومن بقيَ كان مُكفَّرًا عنه، فذلك قوله: {فَتَابَ عَلَيكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (١). (١: ٤٢٣/ ٤٢٤).

٦٧٨ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان السامريُّ رجلًا من أهل باجَرْما، وكان من قوم يعبدون البقر، فكان حب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل، فلما فصل هارون في بني إسرائيل، وفصل موسى معهم إلى ربه تبارك وتعالى قال لهم هارون: إنكم قد تحملتُم أوزارًا من زينة القوم آل فرعون، وأمتعة وحليًّا، فتَطهَّروا منها فإنها نجس، وأوقد لهم نارًا، وقال: اقذفوا ما كان معكم من ذلك فيها، قالوا: نعم، فجعلوا يأتون بما كان فيهم من تلك الحليّ وتلك الأمتعة فيقذفون به فيها، حتى إذا انكسرت الحليّ فيها، رأى السامري أثر فرس جَبرَئيل، فأخذ ترابًا من أثر حافره، ثم أقبل إلى الحفرة فقال لهارون: با نبيّ الله، ألقي ما في يدي؟ قال:


(١) شيخ الطبري هنا موسى بن هارون مجهول الحال وفي المتن نكارة وغرابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>