من العجم، من ولد جوذرز، وأنه عاش دهرًا طويلًا جاوزتْ مدته ثلاثمئة سنة، وأنه كان في خدمة لهراسب الملك، أبي بشتاسب، وأن لهراسب وجّهه إلى الشام وبيت المقدس ليجلِيَ عنها اليهود، فسار إليها ثم انصرف، وأنه لم يزل من بعد لهراسب في خدمة ابنه بشتاسب، ثم في خدمة بهمن من بعده، وأن بهمن كان مقيمًا بمدينة بلخ - وهي التي كانت تسمى الحسناء - وأنه أمر بخترشه بالتوجُّه إلى بيت المقدس ليُجلي اليهود عنها، وأنّ السبب في ذلك وثوبُ صاحب بيت المقدس على رسُلٍ كان بهمن وجَّههم إليه، وقتله بعضهم. فلما ورد الخبر على بهمن دعا بخترشة فملَّكه على بابل، وأمره بالمسير إليها، والنفوذ منها إلى الشام وبيت المقدس، والقصد إلى اليهود حتى يقتُل مقاتلتهم، ويَسبِيَ ذراريّهم، وبسط يده فيمن يختار من الأشراف والقواد، فاختار من أهل بيت المملكة داريوش بن مهري، من ولد ماذي بن يافث بن نوح، وكان ابن أخت بخترشه. واختار كيرش كيكوان من ولد غيلم بن سام، وكان خازنًا على بيت مال بهمن، وأخشويرش بن كيرش بن جاماسب الملقَّب بالعالم، وبهرام بن كيرش بن بشتاسب. فضمّ بهمن إليه من أهله وخاصته هؤلاء الأربعة، وضمّ إليه من وجوه الأساورة ورؤسائهم ثلاثمئة رجل، ومن الجند خمسين ألف رجل، وأذن له في أن يفرض ما احتاج إليه، وفي إثباتهم. ثم أقبل بهم حتى صار إلى بابل، فأقام بها للتجهّز والاستعداد سنة، والتفّت إليه جماعة عظيمة، وكان فيمن سار إليه رجل من ولد سنحاريب، الملك الذي كان غزا حزقيا بن أحاز الملك، الذي كان بالشام وببيت المقدس من ولد سليمان بن داود صاحب شعيا، يقال له: بختنصر بن نبوزرادان بن سنحاريب - صاحب الموصل وناحيتها - ابن داريوش بن عبيري بن تيري بن روبابن رابيا بن سلامون بن داود بن طامي بن هامل بن هرمان بن فودى بن همول بن درمي بن قمائل بن صاما بين رغما بين نمروذ بن كوش بن حام بن نوح - عليه السلام -.
وكان مسيره إليه بسبب ما كان آتى حزقيا وبنو إسرائيل إلى جدّه سنحاريب عند غزوه إياهم، وتوسّل إليه بذلك، فقدّمه في جماعة كثيرة، ثم اتَّبعه، فلما توافت العساكر ببيت المقدس، نُصِر بخترشه علي بني إسرائيل لما أراد الله بهم من العقوبة، فسباهم، وهدّم البيت وانصرف إلى بابل، ومعه يوياحن بن