فهذا حديث وهب بن منبّه في خبر أهل نجران (١). (٢: ١١٩/ ١٢٠ / ١٢١).
٨٢٥ - حدَّثنا ابن حُميد، قال: حدَّثنا سَلمة، قال: حدّثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن زياد -مولى لبني هاشم- عن محمد بن كعب القرَظيّ. قال: وحدّثني محمد بن إسحاق أيضًا عن بعض أهل نَجْران: أنّ أهلَ نجران كانوا أهلَ شرك يعبدون الأوثان، وكان في قرية من قُراها قريبًا من نجران -ونجْران القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد -ساحر يعلّم غلمانَ أهل نجران السّحر، فلما أن نزلها فيميون- قال: ولم يسمّوه باسمه الذي سمّاه به وهبُ بن منبِّه، قالوا: رجل نزلها- ابتنى خيمة بين نَجْران وبين تلك القرية التي بها الساحر، فجعل أهل نَجْران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلّمهم السحر، فبعث الثامر ابنَه عبد الله بن الثّامر مع غلمان أهل نَجْران، فكان إذا مرّ بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى من صلاته وعبادته، فجعل يجلس إليه، ويسمع منه حتى أسلم، فوحّد الله وعَبَده وجعل يسأله عن الاسم الأعظم -وكان يعلمه- فكتمه إيّاه، وقال: يا بن أخي، إنك لن تحتمله؛ أخشى ضعفَك عنه. فلما أبى عليه -والثامر أبو عبد الله لا يظنّ إلّا أنّ ابنه عبد الله يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان- فلما رأى عبد الله أنّ صاحبه قد ضنّ به عنه، وتخوّف ضعفه فيه عَمَد إلى قِدَاح فجمعها، ثم لم يُبْقِ لله اسمًا يعلمه إلا كتبه في قِدْح؛ لكل اسم قِدْح، حتى إذا أحصاها أوقد لها نارًا، ثم جعل يقْذفُها فيها قِدْحًا قِدْحًا؛ حتى إذا مرّ بالإسم الأعظم قذف فيها بقِدْحه، فوثب القِدْح حمَى خرج منها، لم يضرّه شيء، فقام إليه فأخذه، ثم أتى صاحبه، فأخبره أنه قد علم الإسم الذي كتمه، فقال له: ما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: وكيف علمتَه؟ فأخبره كيف صنع، قال: فقال: يا بن أخي! قد أصبته فأمسك على نفسك، وما أظنّ أن تفعل. فجعل عبد الله بن الثامر إذا أتى نَجْران لم يلق أحدًا به ضرّ إلّا قال له: يا عبد الله، أتوحّد الله وتدخل في ديني فأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء؟ فيقول: نعم، فيوحّد الله ويسلم، ويدعو له، فيشفى، حتى لم يبق أحدٌ بنجْران به ضُرّ إلّا أتاه فاتّبعه على أمره، ودعا له، فعُوفي، حتى رُفع شأنه إلى ملك نجْران، فدعاه فقال له: أفسدت عليّ أهل قريتي، وخالفتَ ديني ودين آبائي، لأمثِّلنّ بك! قال: لا تقدر