للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ذلك، فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيُطرح عن رأسه فيقع على الأرض، ليس به بأس، وجعل يبعث به إلى مياه بنجْران بُحور، لا يقَع فيها شيء إلّا هلَك، فَيُلقَى فيها فيخرج ليس به بأس، فلما غلبه، قال عبد الله بن الثامر: إنّك والله لا تقدر على قتلي حتى توحِّدَ الله فتؤمن بما آمنت به؛ فإنك إن فعلت ذلك سُلّطت عليّ فقتلتني، فوحّد الله ذلك الملك، وشهد بشهادة عبد الله بن الثامر، ثم ضربه بعصًا في يده فشجّه شجّة غير كبيرة، فقتله، فهلك الملك مكانه، واستجمع أهلُ نجْران على دين عبد الله بن الثَّامر، وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم من الإنجيل وحكمه، ثمّ أصابهم ما أصاب أهل دينهم من الأحداث، فمن هنالك كان أصل النّصرانية بنجران.

فهذا حديث محمد بن كعب القرظي وبعض أهل نجران عن ذلك. والله أعلم.

قال: فسار إليهم ذو نُواس بجنوده من حِمْير وقبائل اليمن، فجمعهم ثم دعاهم إلى دين اليهودية، فخيّرهم بين القتل والدخول فيها، فاختاروا القتل، فخدّ لهم الأخدود، فحرّق بالنار، وقتّل بالسيف؟ ومثّل بهم كلّ مُثْلة، حتى قتل منهم قريبًا من عشرين ألفًا، وأفلت منهم رجل يقال له: دَوْس ذو ثعلبان، على فرس له، فسلك الرَّملَ فأعجزهم.

قال: وقد سمعت بعضَ أهل اليمن يقول: إنّ الذي أفلت منهم رجل من أهل نَجْران يقال له: جبّار بن فيض.

قال: وأثبت الحديثين عندي الذي حدّثني: أنه دوْس ذو ثعلبان.

ثم رجع ذو نُواس بمن معه من جنوده إلى صنعاء من أرض اليمن.

ففي ذي نواس وجنوده تلك حدَّثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثني محمد بن إسحاق، قال: أنزل الله على رسوله: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} إلى قوله: {بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.

يقال: كان فيمن قَتل ذو نُواس عبد الله بن الثامر رئيسهم وإمامهم. ويقال: عبد الله بن الثامر قُتِل قبل ذلك، قَتله ملك كان قَبْله، هو كان أصل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>