للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٢٥ / أ- وأما هشام بن محمد فإنه قال: لم يزل مُلْك اليمن متصلًا لا يطمع فيه طامع، حتى ظهرت الحبشة على بلادهم في زمن أنوشِرْوان. قال: وكانَ سببُ ظهورهم أن ذا نُواس الحمْيريّ ملك اليمن في ذلك الزمان، وكان يهوديًّا، فقدم عليه يهوديّ، يقال له: دَوْس من أهل نَجْران، فأخبره: أنّ أهل نجران قتلوا ابنين له ظلمًا، واستنصره عليهم -وأهل نَجْران نصارى- فحمِيَ ذو نُواس لليهوديّة،


= غيري؟ ! قال: نعم ربي وربّك الله، فاخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام، فأتى به، فقال: أي بني! بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء قال: ما أشفي أنا أحدًا، إنما يشفي الله عزَّ وجلَّ. قال: أنا؟ قال: لا. قال: أولكَ ربّ غيري؟ قال: ربي وربّك الله، قال فأخذه أيضًا بالعذاب، ولم يزل به حتى دلّ على الراهب فأتى الراهب فوضع فقال: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شِقَاه، وقال للأعمى: ارجع عن دينك، فابى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه، وقال للغلام ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلّا فدَهْدِهُوهُ. فذهبوا به فلمّا علوا الجبل. قال: اللهمّ اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله، فبعث به مع نفر في قَرْقَرَةِ، فقال: إذا لَجَجْتُمْ البحر فإن رجع عن دينه وإلّا فأغرقوه في البحر، فلججوا به البحر فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك، فقال ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله. ثم قال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلّا فإنك لا تستطيع قتلي. قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهمًا من كنانتي. ثم قل: بسم الله ربّ الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ووضع السهم في كبد القوس ثم رماه وقال: بسم الله ربّ الغلام فوقع السهم في صِدْغِهِ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات. فقال الناس: آمنا بربّ الغلام آمنا بربّ الغلام. فقيل للملك أرأيت ما كنت تحذر، فقد والله نزل بك! قد آمن الناس كلهم. فأمر بأفواه السكك فحفر فيها الأخاديد وأضرمت فيها النيران، وقال من رجع عن دينه فدعوه، وإلّا فأقحموه فيها، وقال: فكانوا يتعادون فيها ويتواقعون، فجاءه امرأة بابن لها ترضعه، فكأنَّها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أماه فإنك على الحق، كذا رواه الإمام أحمد ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن سلمة، زاد النسائي وحماد بن زيد كلاهما عن ثابت به، ورواه الترمذي من طريق عبد الرزَّاق عن مَعْمَرٍ، عن ثَابت، بإسناده نحوه.
والحديث في (صحيح مسلم / كتاب الزهد / ٧٣/ ٣٠٠٥) والترمذي (كتاب التفسير / ٣٣٤٠) وأحمد (ح / ٢٣٩٨٦) والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>