للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبره بقتله، فزاد ذلك أبرهة غضبًا وحَنقًا، وحلَف ليغزوَنّ بني كنانة وليهدمنّ البيت.

وأما هشام بن محمّد، فإنه قال: بنَى أبرهة بعد أن رضيَ عنه النّجاشي وأقرّه على عمله كنيسة صنعاء، فبناها بناء معجِبًا لم يُرَ مثله بالذهب والأصباغ المعجبة، وكتب إلى قيصر يعلمه أنّه يريد بناء كنيسة بصنعاء، يبقى أثرُها وذكْرها، وسأله المعونةَ له على ذلك فأعانه بالصنّاع والفُسَيفساء والرّخام، وكتب أبرهة إلى النجاشيّ حين استتمّ بناؤها: إنّي أريد أن أصرف إليها حاجّ العرب. فلما سمعت بذلك العرب أعظمته، وكُبر عليها، فخرج رجل من بني مالك بن كنانة حتى قدم اليمن، فدخل الهيكل، فأحدث فيه، فغضب أبرهة، وأجمع على غزو مكة وهدْم البيت، فخرج سائرًا بالحبشة ومعه الفيل، فلقيَه ذو نَفْر الحميريّ، فقاتله فأسره، فقال: أيها الملك! إنما أنا عبدك فاستبقني، فإنّ حياتي خير لك مِنْ قتلي، فاستبقاه، ثم سار فلقيَه نُفيل بن حبيب الخثعميّ، فقاتله فهزم أصحابه، وأسرَه، فسأله أن يستبقيَه، ففعل وجعله دليله في أرض العرب (١). (٢: ١٢٨/ ١٢٩ / ١٣٠/ ١٣١ / ١٣٢).

٨٢٩ - رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق، قال: ثم إن أبرهة حين أجمع السّير إلى البيت؛ أمر الحبشان فتهيّأت وتجهّزت، وخرج معه بالفيل -قال: وسمعت العرب بذلك، فأعظموه، وفظِعوا به، ورأوْا جهاده حقًّا عليهم حين سمعوا: أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام- فخرج له رجل كان من أشراف أهل اليمن وملوكهم، يقال له: ذو نفْر، فدعا قومه ومن أجابه منهم من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله، وما يريد من هدمه وإخرابه، فأجابه مَنْ أجابه إلى ذلك، وعرض له فقاتله، فهُزِم ذو نفْر وأصحابه، وأخذ له ذو نفر أسيرًا، فأتِيَ به، فلما أراد قتله قال له ذو نفْر: أيُّها الملك! لا تقتلني؛ فإنّه عسى أن يكون كوني معك خيرًا لك من قتلي. فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق -وكان أبرهة رجلًا حليمًا- ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك، يريد ما خرج له، حتى إذا كان بأرض خَثْعم؛ عرض له نُفَيل ابن حبيب الخثعميّ في قبيلي


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>