للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خثعم: شهران وناهس ومَنْ تبِعه من قبائل العرب، فقاتله فهزمه أبرهة، وأخِذ له نُفيل أسيرًا، فأتى به؛ فلما همّ بقتله؛ قال له نُفَيل: أيُّها الملك! لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يدايَ لك على قبيلي خثعم؟ شهران، وناهس بالسمع والطّاعة، فأعفاه وخلّى سبيله، وخرج به معه يدلّه على الطريق، حتى إذا مرّ بالطائف خرج إليه مسعود بن معتّب في رجال ثقيف، فقال له: أيُّها الملك! إنّما نحن عبيدُك، سامعون لك مطيعون ليس لك عندنا خلاف، وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد -يعنون اللّات- إنما تريد البيتَ الذي بمكّة -يعنون الكعبة- ونحن نبعث معك مَنْ يدلك. فتجاوز عنهم، وبعثوا معه أبا رِغال، فخرج أبرهة ومعه أبو رِغال، حتى أنزله المغمِّس، فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك، فرجمت العرب قَبرَه، فهو القبر الذي يرجُم الناس بالمغمِّس.

ولما نزل أبرهة المغمّس؛ بعث رجلًا من الحبشة، يقال له: الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة، فساق إليه أموال أهل مكة من قُريش وغيرهم، وأصاب منها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم؛ وهو يومئذ كبير قريش وسيّدها، فهمّت قريش وكنانة وهذيل ومَنْ كان بالحرَم من سائر الناس بقتاله، ثم عرفوا: أنّه لا طاقة لهم به؛ فتركوا ذلك، وبعث أبرهة حُناطة الحميريّ إلى مكة، وقال له: سلْ عن ستد هذا البلد وشريفهم؛ ثم قل له: إن الملك يقول لكنم: إني لم آتِ لحربكم؛ إنما جئت لهدم البيت؛ فإن لم تعرضوا دونه بحرب، فلا حاجةَ لي بدمائكم؛ فإن لم يُرِدْ حربي فَائْتني به.

فلما دخل حُنَاطة مكّة سأل عن سيّد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ، فجاءه، فقال له ما أمره به أبرهة. فقال له عبد المطّلب: والله ما نريد حربَه، وما لنا بذلك من طاقة؛ هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم -أو كما قال- فإنْ يمنعْه فهو بيته وحَرمه، وإن يخلّ بينه وبينه، فوالله ما عندنا من دَفْع عنه -أو كما قال له- فقال له حُناطة: فانطلِق إلى الملِك، فإنّه قد أمرني أن آتيَه بك- فانطلق معه عبد المطلب، ومعه بعض بنيه، حتى أتى العسكر، فسأل عن ذي نفْر- وكان له صديقًا- حتى دُلّ عليه، وهو في محبسه، فقال له: يا ذا نفْر! هل عندك غَناء فيما نزل بنا؟ فقال له ذو نفْر: وما غَناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوًّا أو عشيًّا! ما عندي غناء في

<<  <  ج: ص:  >  >>