فَوَلّوْا لم ينالُوا غَيرَ خِزْيٍ ... وكانَ الْحَينُ يُهْلِكُهُمْ هُنَالِكْ
ولم أَسْمَعْ بأرْجَسَ من رِجالٍ ... أرَادوا العِزَّ فانْتهكُوا حَرَامَكْ
ثم أرسل عبد المطلب حَلْقة الباب، باب الكعبة، وانطلق هو ومَنْ معه من قريش إلى شعَف الجبال، فتحرّزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكّة إذا دخلها. فلما أصبح أبرهة تهيّأ لدخول مكة، وهيأ فيلَه، وعبَّى جيشه -وكان اسم الفيل محمودًا- وأبرهة مجمع لهدْم البيت ثم الانصراف إلى اليمن؛ فلما وجَّهوا الفيل أقبل نُفيل بن حَبيب الخَثْعَميّ حتى قام إلى جنبه، ثم أخذ بإذنه، فقال: ابْرُكْ محمُود، وارجعْ راشدًا من حيث جئت؛ فإنك في بلد الله الحرام. ثم أرسل أذنه، فبرك الفيل وخرج نُفيل بن حبيب يشتدّ حتى صعد في الجبل، وضربوا الفيل ليقومَ فأبى، وضربوا في رأسه بالطّبرزين ليقوم فأبى، فأدخلوا محاجنَ لهم في مَرَاقّه فبزَغوه ليقوم فأبى، فوجّهوه راجعًا إلى اليمن، فقام يهرول، ووجّهوه إلى الشأم ففعل مثل ذلك، ووجّهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجّهوه إلى مكّة فبرك، وأرسل الله عليهم طيرًا من البحر أمثال الخطاطيف، مع كلّ طير منها ثلاثة أحجار يحملها، حجر في مِنقاره، وحجران في رجليه مثل الحمّص،