للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَدَس لا تصيب منهم أحدًا إلَّا هلك، وليس كلُّهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاؤوا، ويسألون عن نُفيل بن حبيب ليدلّهم على الطريق إلي اليمن، فقال نُفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:

أَينَ الْمَفرّ والإلهُ الطَّالِبْ ... والأشْرَمُ الْمَغْلوبُ غَيرُ الغالبْ!

وقال نفيل أيضًا:

ألا حُيِّيتِ عَنَّا يا رُدَيْنا ... نعِمْناكمْ مَعَ الإصْباح عَينا

أتانا قابِسٌ مِنكمْ عِشاءً ... فلَمْ يُقدَرْ لقَابِسِكمْ لدَينا

رُدينَةُ لوْ رَأَيتِ ولَم تَرَيهِ ... لدَى جَنْبِ المُحَصَّبِ مَا رَأَينا

إذًا لَعَذَرْتني وحَمِدْتِ رَأْيي ... ولم تأسَي عَلَى ما فاتَ بَينا

حَمِدْتُ اللهَ إذْ عَايَنْتُ طيرًا ... وخِفْتُ حِجَارَةً تُلْقَى عَلَينَا

فكلُّ القَوْمِ يَسْألُ عن نُفَيلٍ ... كأَنَّ عَلَيَّ لِلْحِبْشَانِ دَينَا!

فخرجوا يتساقطون بكلّ طريق، ويهلكون بكل مهلكٍ على كلِّ منهَل، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط أنامله أنمُلةً أنمُلةً، كلّما سقطت منه أنملة اتبعتها منه مِدّة تَمُثّ قيحًا ودمًا حتى قَدموا به صنعاء؛ وهو مثل فرخ الطّير، فما مات حتى انصدع صدره من قلبه -فيما يزعمون (١) (٢: ١٣٣/ ١٣٢ / ١٣٤/ ١٣٥ / ١٣٦).

٨٣٠ - حدّثني الحارث، قال: حدَّثنا محمد بن سعد، قال: حدَّثنا محمد بن عمر، قال: حدَّثنا عبد الله بن عثمان بن أبي سُليمان عن أبيه، قال: وحدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن السّلمانيّ عن أبيه، قال: وحدّثنا عبد الله بن عمرو بن زهير الكَعْبيّ عن أبي مالك الحِمْيريّ عن عطاء بن يسار، قال: وحدّثنا محمد بن أبي سعيد الثَّقَفيّ عن يَعلَى بن عطاء، عن وكيع بن عُدُس، عن عمّه أبي رَزين العُقَيلي، قال: وحدّثنا سعيد بن مُسْلم عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد، عن ابن عبّاس -دخل حديث بعضهم في حديث بعض- قالوا: كان النجاشي قد وجّه أرياط أبا صحم في أربعة آلاف إلى اليمن، فأداخها وغلب عليها، فأعطى الملوك، واستذلّ الفقراء، فقام رجل من الحبشة يقال له: أبرهة الأشرم


(١) الخبر في سيرة ابن هشام (١/ ٤٢) وأخرجه البيهقي (دلائل النبوة ١/ ١١٥) والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>