ذِكْر إيرش جدّ بهرام، فقرَّعه أبَرْويز بطاعة إيرش كانت لِمنوشِهْر جدّه، وتفرَّقا وكلُّ واحد منهما على غاية الوحْشة لصاحبه.
وكانت لبهرامَ أختٌ يقال لها: كُرْدية، من أتمِّ النساء وأكملهنَّ، وكان تزوَّجَها، فعاتبت بهرام على سوء مُلافظته كانت لكِسْرى، وأرَادَتْه على الدُّخول في طاعته، فلم يقبل ذلك، وكانت بين كِسْرى وبهرام مُباينة، فيُقَال: إنَّه لما كان من غدِ الليلة التي كان البيات فيها؛ أبْرز كسرى نفسْه، فلما رآه الأتْراك الثلاثة؛ قصدوه، فقتلهم بيده أبَرْويز، وحرَّض الناسَ على القتال فتبيَّن فشلًا، فأجمع أبَرْويز على إتيان بعض الملوك للاسْتجاشة به، فصار إلى أبيه وشاوره، فرأى له المصير إلى ملك الروم، فأحْرَزَ نساءَه وشَخَص في عذة يسيرة، فيهم: بِنْدُويه، وبِسطام، وكُرْدي أخو بهرام، فلمَّا خرجوا من المدائن خاف القوم من بهرام أن يردّ هرمز إلى الملْك، ويكتُبَ إلى ملك الروم عنه في ردّهم فَيُتْلَفوا، فأعلموا أبَرْويز ذلك، واستأذَنُوهُ في إتلاف هرمز فلم يحِرْ جوابًا، فانصرف بِندُويه وبِسطام وبعض من كان معهم إلى هرمز حتى أتلفوه خَنْقًا، ثم رجعوا إلى كِسْرى وقالوا: سِرْ على خير طائر، فححوا دوائهم وصاروا إلى الفُرَات فقطعوه، وأخذوا طريقَ المفازة بدلالة رجل يقال له: خُرْشيذان، وصاروا إلى بعض الدِّيارات التي في أطراف العمارة، فلما أوطنوا إلى الراحة غشِيَتْهم خيلُ بهرام، يرأسُها رجلٌ يقال له بهرام بن سِياوَش، فلمَّا نذِروا بهم أنبه بنْدُوَيه أبَرْويزَ من نومه وقال له: احتلْ لنفسك، فإنَّ القوم قد أطلّوك؛ قال كسرى: ما عندي حيلة، فأعلمه بِنْدُوَيه: أنَّه يبذل نفسه دونه، وسأله أن يدفع إليه بِزَّته ويخرج ومن معه من الدَّير، ففعلوا ذلك، وبادروا القومَ حتى تَوَارَوْا بالجبل، فلمَّا وافى بهرام بن سياوش، اطَّلع عليه من فوق الدَّير بِنْدويه وعليه بِزَّة أبَرْويز، فَوَهّمه بذلك أنه أبَرْويز، وسأله أن يُنْظِره إلى غده ليصير في يده سلمًا، فأمسك عنه، ثم ظهر بعد ذلك على حيلته، فانصرف به إلى جوبين، فحبسه في يدي بهرام بن سِياوش.
ويقال: إنَّ بهرام دخل دُور الملك بالمدائن، وقعد على سريره، واجتمع إليه الوجوه والعظماء فخطبهم ووقع في أبَرْويز، وذمَّه، ودار بينه وبين الوجوه مناظرات [وكلام] كان كقهم منصرفًا عنه، إلَّا أن بهرام جلس على سرير الملك وتتوَّج وانْقادَ له الناس خوفًا - ويقال: إنَّ بهرام بن سِيَاوش واطَأ بِنْدويه على الفتْك