للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسير عليها؛ فبينا هو يسير فوقها إذ انتسفته دِجْلة بالبنيان، فلم يدرَك إلَّا بآخر رَمَق، فدعاهم فقال: والله لأمرّن على آخركم ولأنزعنّ أكتافكم، ولأطرحنَّكم تحت أيدي الفِيلَة أو لتصدُقُني ما هذا الأمر الذي تلفّقون عليّ! قالوا: لا نكذِبك أيّها الملك، أمرتَنا حين انخرقت عليك دِجلة، وانقصصت عليك طاق مجلسك من غير ثقل أن ننظر في علمنا لِمَ ذلك! فنظرنا، فأظلمت علينا الأرض وأخِذ علينا بأقطار السماء، فتردد علينا علمنا في أيدينا، فلا يستقيم لساحر سحره، ولا لكاهن كهانته، ولا لمنجّم علم نجومه؛ فعرفنا: أن هذا الأمر حَدث من السّماء، وأنه قد بُعِث نبيّ، أو هو مبعوث؛ فلذلك حِيل بيننا وبين علمنا، فخشينا إن نَعْينا لك ملكك أن تقتلنا، وكرهنا من الموت ما يكره الناس، فعلّلناك عن أنفسنا بما رأيت. قال: ويحكم! فهلًا تكونون بيّنتم لي هذا فأرى فيه رأيي! قالوا: منَعنا من ذلك ما تخوّفنا منك، فتركهم ولها عن دِجلة حين غلبته (١). (٢: ١٨٨/ ١٨٩ / ١٩٠).

٨٥٠ - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سَلَمة عن ابن إسحاق، عن الفضل بن عيسى الرّقاشيّ، عن الحسن البصريّ: أنّ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله! ما حجّة الله على كِسرى فيك! قال: بعث إليه مَلَكًا فأخرج يده من سُور جدار بيته الذي هو فيه يتلألأ نورًا، فلما رآها فزعِ، فقال: لَمْ تُرَعْ يا كسرى! إن الله قد بعث رسولًا وأنزل عليه كتابًا فاتبعْه؛ تَسلمْ دنياك وآخرتك، قال: سأنظر (٢). (٢: ١٩٠/ ١٩١).

٨٥١ - حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهريّ، عن أبي سلَمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: بَعَث الله إلى كسرى ملَكًا وهو في بيت إيوانه الذي لا يُدْخل عليه فيه، فلم يرعه إلَّا به قائمًا على رأسه في يده عصا بالهاجرة في ساعته التي كان يَقيل فيها، فقال: يا كسرى! أتُسْلِم أو أكسر هذه العصا! فقال: بِهِلْ بِهِلْ، فانصرف عنه ثم دعا أحراسه وحجّابه فتغيّظ عليهم، وقال: من أدخل هذا الرجل عليّ؟ فقالوا: ما دخل عليك أحد ولا رأيناه؛ حتى إذا كان العام القابل أتاه في الساعة التي أتاه


(١) ضعيف.
(٢) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>