للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلًا أو ينقصونه؛ فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب؛ فلما اجتمعوا إليه دعانى بالطَّعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعتُه تناول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِذْيةً مِن اللحم، فشقّها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحْفة. ثمّ قال: خذُوا بسم الله، فأكل القوم حتى ما لهم بشيء حاجة وما أرى إلَّا موضع أيديهم، وايمُ الله الذي نَفْسُ عليّ بيده؛ وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكلُ ما قدمت لجميعهم. ثم قال: اسقِ القوم، فجئتهم بذلك العُس، فشربوا منه حتى روُوا منه جميعًا، وايمُ الله إن كان الرجلُ الواحد منهم ليَشرب مثله، فلما أراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكلّمَهم بدرَهُ أبو لهب إلى الكلام، فقال: لهَدَمّا سحركم صاحبُكم! فتفرَّق القوم ولم يكلّمهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الغد يا عليّ؛ إنَّ هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلِّمهم، فعُدْ لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إليّ.

قال: ففعلتُ، ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقرَّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتَّى ما لهم بشيء حاجة. ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العُسّ، فشربوا حتى رَوُوا منه جميعًا، ثم تكلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا بني عبد المطلب! إني والله ما أعلمُ شابًّا في العرب جاء قومَه بأفضل مما قد جئتكم به؛ إني قد جئتكم بخير الدُّنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوَكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القومُ عنها جميعًا، وقلت، وإني لأحدثُهم سنًّا، وأرمصهم عينًا، وأعظمهم بطنًا، وأحمشهم ساقًا: أنا يا نبي الله! أكون وزيرَك عليه. فأخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي ووصييّ وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (١)! (٢: ٣١٩/ ٣٢٠ / ٣٢١).

٣٥ - حدَّثني زكرياء بن يحيى الضرير، قال: حدَّثنا عفان بن مسلم، قال: حدَّثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد: أنّ رجلًا قال لعليّ - عليه السلام -: يا أمير المؤمنين! بمَ ورثت ابنَ عمّك دون عَمّك؟


(١) في إسناده عبد الغفار بن القاسم، قال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال الدارقطني: متروك (اللسان ٤/ ٤١٢ / ت ٥٢٦٩) وسنتحدث عن متنه بعد الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>