للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧ - قال ابن إسحاق فيما حدثنا ابن حميد، قال: حدَّثنا سلمة، عنه: فصدع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله، وبادَى قومَه بالإسلام، فلما فعل ذلك لم يبعد منه قومه، ولم يردُّوا عليه بعض الرَّد - فيما بلغني - حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلمّا فعل ذلك ناكروه وأجمعُوا على خلافه وعداوته إلَّا مَنْ عصم الله منهم بالإسلام؛ وهم قليل مستخفُون، وحَدِب عليه أبو طالب عَمّه ومنعه، وقام دونه، ومضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أمرِ الله مظهرًا لأمره، لا يردّه عنه شيء. فلما رأت قريش: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُعتبهم مِنْ شيء [يكرهونه مما] أنكروه عليه من فراقهم وعَيب آلهتهم، ورأوْا: أن أبا طالب قد حَدِبَ عليه، وقام دونه فلم يُسلمْه لهم، مشى رجالٌ من أشراف قريش إلى أبي طالب: عُتْبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البَخْتَرِيّ بن هشام، والأسود بن المطَّلب، والوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، والعاص بن وائل، ونبيه ومنبه ابنا الحجَّاج -أو مَنْ مشى إليه منهم- فقالوا: يا أبا طالب! إنَّ ابنَ أخيِك قد سَبَّ آلهتَنا، وعاب ديننا، وسَفَّه أحلامنا، وضلَّل آباءنا؛ فإمَّا أن تكفَّه عنَّا، وإما أنْ تُخَلِّيَ بيننا وبينه؛ فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكَه. فقال لهم أبو طالب قولًا رفيقًا، وردَّهم ردًّا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما هو عليه؛ يظهر دين الله، ويدعو إليه. قال: ثم شرِيَ الأمرُ بينه وبينهم حتى تباعد الرجالُ، وتضاغنوا، وأكثرت قريش ذِكْرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينها، وتذامروا فيه، وحَضَّ بعضُهم بعضًا عليه. ثم إنهم مَشَوْا إلى أبي طالب مرَّة أخرى، فقالوا: يا أبا طالب! إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا، وإنَّا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تَنْهه عَنَّا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شَتْم آبائنا؛ وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا حتى تكفَّه عنا أو ننازله وإيَّاك في ذلك؛ حتى يهلك أحدُ الفريقين أو كما قالوا. ثم انصرفوا عنه، فعظُم على أبي طالب فراقُ قومه وعداوتهم له؛ ولم يطبْ نفسًا بإسلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ولا خذْلانِهِ (١). (٢: ٣٢٢/ ٣٢٣).


= وكذلك فالواقدي ضعيف والله أعلم. وأخرج ابن هشام في السيرة عن ابن إسحاق بلاغًا (١/ ٣٢٥) وابن سعد (١/ ١٩٩) من طريق جارية بن أبي عمران به وهو مجهول كما مر بنا.
(١) إسناده معضل كما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>