فأتاهم آت ممّن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون ها هنا؟ قالوا: محمّدًا، قال: خيّبكم الله! قد والله خرجَ عليكم محمد، ثم ما ترك منكم رجلًا إلَّا وقد وضع على رأسه ترابًا، وانطلق لحاجته؛ أفما تروْنَ ما بكم؟ قال: فوضع كلّ رجل منهم يده على رأسه، فإذا عليه تراب، ثم جعلوا يطَّلعون، فيروْن عليًّا على الفراش متسجِّيًا ببُرْد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقولون: والله إنّ هذا لمحمّد نائم، عليه بُردُه؛ فلم يبرحُوا كذلك حتى أصبحوا، فقام عليّ عن الفراش، فقالوا: والله لقد صَدقَنا الذي كان حدَّثنا، فكان ممّا نزل من القرآن في ذلك اليوم، وما كانوا أجمعوا له:
٦٩ - وقد زعم بعضُهم: أنّ أبا بكر أتى عليًّا فسأله عن نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره: أنه لحِقَ بالغار من ثور، وقال: إن كان لك فيه حاجةٌ فالحقْه، فخرج أبو بكر مسرعًا، فلحق نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - في الطّريق، فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَرْسَ أبي بكر في ظلْمة اللَّيل، فحسبه من المشركين، فأسرع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المشيَ، فانقطع قَبَالُ نعله ففلق إبهامَه حَجَرٌ فكثر دمها، وأسرع السعيَ، فخاف أبو بكر أن يشقّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفع صوته، وتكلَّم، فعرفه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقام حتى أتاه، فانطلقا ورجْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستنُّ دمًا؛ حتى انتهى إلى الغار مع الصّبح؛ فدخلاه. وأصبح الرّهط الذين كانوا يرصُدون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخلوا الدَّار، وقام عليّ عليه السّلام عن فراشه، فلما دنوْا منه عرفوه، فقالوا له: أين صاحبُك؟ قال: لا أدرِي، أو رَقيبًا كنت عليه! أمرتموه بالخروج فخرج؛ فانتهروه وضربوه وأخرجوه إلى المسجد، فحبسوه ساعة ثم تركوه، ونجّى الله رسولَه من مكرهم وأنزل عليه في ذلك: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ
(١) إسناده ضعيف وهو خبر ضعيف قد أخرجه ابن هشام بتمامه عن ابن إسحاق مرسلًا (السيرة النبوية ٢/ ١٣٩) وهو جزء من حديث عند ابن سعد (١/ ٢٢٨) من طريق الواقدي وهو متروك.