قلنا: والروايات الصحيحة التي سنتطرق إليها لاحقًا تخالف تمامًا ما جاء هنا. وقد أخرج أحمد في المسند (٥/ ٢٦ - ٢٧) (طبعة شاكر) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه - صلى الله عليه وسلم - انطلق إلى الغار من بيته حيث حاصره المشركون يريدون قتله ... الحديث. وفيه: فجاء أبو بكر وعلي نائم وأبو بكر يحسب أنه نبي الله قال: فقال يا نبي الله فقال له علي: إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه. قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ... الحديث. وقال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي بلج الفزاري وهو ثقة فيه لين (المجمع ٩/ ١٢٠). وقال ابن حبان: كان ممن يخطئ، لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك. وقال أيضًا: فأرى أن لا يحتج بما انفرد من الرواية (المجروحين ٣/ ١١٢) قلنا: وصحح العلامة شاكر إسناده وحسّنه العمري (صحيح السيرة ١/ ٢١٠) ولكنه قال في (١/ ٢١١): لقد كان غار ثور قد تحدد منطلقًا للهجرة وضرب الموعد مع الدليل في ذلك المكان وكان خروج المصطفى والصديق إلى الغار ليلًا. ولا تقوى هذه الرواية على معارضة ما في الصحيح ولكن يمكن التوفيق بينهما لأن رواية الصحيح ليست صريحة في ركوبهما من بيت الصديق رضي الله عنه. فإذا افترضنا أن اصطحابهما معًا جرى من بئر ميمون أمكن التوفيق بين الروايتين. (٢) ذكر الطبري هذا الكلام بلاغًا.