للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان التأريخ من الفيل، حتى أرَّخ عمر بن الخطّاب من الهجرة؛ وذلك سنة سبع عشرة أو ثمانيَ عشرة (١). (٢: ٣٩٠/ ٣٩١).

٩١ - حدَّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحَكَم، قال: حدَّثنا نعيم بن حمَّاد، قال: حدَّثنا الدراورديّ عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعتُ سعيد بن المسيِّب، يقول: جمع عمرُ بن الخطّاب النّاس، فسألهم، فقال: من أيّ يوم نكتب؟ فقال عليّ عليه السّلام: من يوم هاجرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وتركَ أرض الشِّرْك، ففعله عمر رضي الله عنه (٢). (٢: ٣٩١).

قال أبو جعفر: وهذا الذي رَوَاه عليّ بن مجاهد عمّن رواه عنه في تأريخ بني إسماعيل غيرُ بعيد من الحق؛ وذلك أنَّهم لم يكونوا يؤرّخون على أمر معروف يعمل به عامَّتهم، وإنما كان المؤرّخ منهم يؤرّخ بزمان قُحْمة كانت في ناحية من نواحي بلادهم، ولَزْبَةٍ أصابتهم؛ أو بالعامل كان يكون عليهم، أو الأمر الحادث فيهم ينتشر خبره عندهم؛ يدلّ على ذلك اختلافُ شعرائهم في تأريخاتهم؛ ولو كان لهم تأريخ على أمرٍ معروف، وأصلٍ معمول عليه، لم يختلف ذلك منهم.

ومن ذلك قول الربيع بن ضبُعِ الفَزَارِيّ:

هأَنَذَا آمُلُ الْخُلُودَ وقدْ ... أدْرَكَ عَقْلِي ومَوْلدِي حُجُرَا

أبا امْرِيء الْقَيسِ هَلْ سَمِعْتَ به ... هَيهاتَ هَيهاتَ طال ذَا عُمُرَا!

فأرَّخ عمْرَهُ بحجْر بن عمرو أبي امرئ القيس.

وقال نابغة بني جَعْدة:

فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي فِإنّي ... مِنَ الشُبَّانِ أزْمانَ الْخُنَانِ

فجعل النَّابعة تأريخَه ما أرَّخ بزمان علّة كانت فيهم عامّة.

وقال آخر:

ومَا هِيَ إلَّا في إزارٍ وعِلْقَةٍ ... مَغارَ ابْنِ هَمَّامٍ على حَيّ خَثْعَمَا


(١) إسناده ضعيف.
(٢) في إسناده نعيم بن حماد، وهو مختلف فيه كما قال الذهبي (الكاشف ٣/ ١٨٢ / ت ٥٩٥٩). وهو إلى الضعف أقرب كما بيّنا في تراجم الرجال والحديث أخرجه الحاكم كذلك من طريق نعيم بن حماد، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>