للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل من الأنصار من بني سلمة؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأى أبا دُجَانة يتبختر: إنَّها لمشْيةٌ يبغِضها الله عزّ وجلّ إلَّا في هذا الموطن. وقد أرسل أبو سفيان رسولًا، فقال: يا معشر الأوْس والخزرج، خلُّوا بيننا وبين ابن عمّنا ننصرفْ عنكم، فإنَّه لا حاجة لنا بقتالكم، فردّوه بما يكره (١). (٢: ٥١١).

١٧٣ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، أنّ أبا عامر عبد عمرو بن صيفيّ بن مالك بن النعمان بن أمة، أحد بني ضُبيعَة؛ وقد كان خرج إلى مكة مُباعدًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، معه خمسون غلامًا من الأوس؛ منهم عثمان بن حُنَيف -وبعض النَّاس يقول: كانوا خمسة عشر- فكان يعِد قريشًا أنْ لو قد لقِيَ محمَّدًا لم يختلف عليه منهم رجلان، فلمَّا التقى الناس، كان أوّل مَنْ لقيَهم أبو عامر في الأحابيش وعُبْدَانِ أهل مكَّة، فنادى: يا معشرَ الأوس، أنا أبو عامر، قالوا: فلا أنعم الله بك عينًا يا فاسق - وكان أبو عامر يسمَّى في الجاهلية "الراهب"، فسمَّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الفاسق "- فلمَّا سمع ردَّهم عليه، قال: لقد أصاب قومي بعدي شرّ. ثم قاتلهم قتالًا شديدًا، ثم راضخهم بالحجارة، وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللِّواء من بني عبد الدار يحرّضهم بذلك على القتال: يا بنِي عبد الدَّار، إنَّكم وليتم لواءنا يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم؛ وإنَّما يؤتى النَّاس من قبَل راياتهم؛ إذا زالت زالوا؛ فإما أن تكفونا لواءنا؛ وإما أن تخلُّوا بيننا وبينه فسنكفيكموه. فهمُّوا به وتواعدوه، وقالوا: نحن نسلِّم إليك لواءنا، ستعلم غدًا إذا التقينا كيف نصنع! وذلك الذي أراد أبو سفيان. فلمَّا التقى الناس، ودنا بعضُهم من بعض، قامت هند بنت عُتْبة في النِّسوة اللَّواتي معها، وأخذن الدُّفوفَ يضربْن خلْف الرِّجال ويُحرِّضْنهم، فقالت هند فيما تقول:

إِن تُقْبلوا نُعانقْ ... ونَفْرش النَّمارقْ

أو تدْبرُوا نُفارق ... فِراقَ غيرِ وامِق


(١) إسناده ضعيف وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (ح ٦٥٠٨) أن أبا دجانة يوم أحد أعلم بعصابة حمراء فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مختال في مشيته بين الصفين فقال: إنها مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموضع.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه (المجمع ٦/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>