للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بمكّة، فيقول: يا محمَّد إن عندي العَوْد، أعلفه كلَّ يوم فَرْقًا من ذُرة أقتلك عليه! فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بل أنا أقتلك إن شاء الله. فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خَدْشًا غير كبير؛ فاحتقن الدم، قال: قتلني والله محمد. قالوا: ذهب والله فؤادك؛ والله إنْ بك بأس. قال: إنه قد كان بمكَّة قال لي: أنا أقتلك؛ فوالله لو بصق عليّ لقتلني. فمات عدوّ الله بسَرِف وهم قافلون به إلى مكَّة (١). (٢: ٥١٧/ ٥١٨).

١٨٠ - قال: فلمَّا انتهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فم الشِّعب، خرج عليّ بن أبي طالب حتى ملأ دَرَقَتَه من المِهْرَاس. ثم جاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منه؛ فوجد له ريحًا فعافه؛ ولم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدّم؛ وصُبَّ على رأسه؛ وهو يقول: اشتدّ غضب الله على من دَمَّى وَجْهَ نَبيَّه (٢). (٢: ٥١٨).

١٨١ - قال أبو جعفر: وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى انتهى بعضهم إلى المنقى دون الأعوص، وفرّ عثمان بن عفان وعقبة بن عثمان وسعد بن عثمان (رجلان من الأنصار)؛ حتى بلغوا الجَلْعَبَ (جبلًا بناحية المدينة مما يلي الأعوص)، فأقاموا به ثلاثًا ثم رجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال لهم: لقد ذهبتم فيها عريضة (٣). (٢: ٥٢٢).

فقال شدّاد بن الأسود في قتله حنظلة:

لأَحْمِيَنَّ صاحبي ونفْسي ... بطَعْنةٍ مثل شُعاع الشَّمْسِ

وقال أبو سفيان بن حرب؛ وهو يذكر صبره ذلك اليوم، ومعاونة ابن شَعوب شدّاد بن الأسود إيَّاه على حنظلة:

ولو شئْتُ نجَّتْني كُمَيتٌ طِمرَّةٌ ... ولم أحْمل النَعْماءَ لابن شَعُوب

فما زال مُهْري مَزْجَر الكلْبِ مِنْهُمُ ... لَدَى غُدْوَةٍ حتى دَنتْ لِغُروب

أقاتلُهم وأدَّعِي يا لغالبٍ ... وأدْفعُهُم عَنِّي برُكْن صَليب


(١) إسناده ضعيف وأخرجه ابن سعد في طبقاته من مراسيل سعيد بن المسيب (٢/ ٤٦) والبيهقي في الدلائل من مرسل عروة (٣/ ٢٥٨).
(٢) ذكره الطبري من كلام ابن إسحاق معلقًا، وأما قوله - رضي الله عنه -: "اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه" فصحيح كما سيأتي.
(٣) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>