فبَكِّي ولا ترْعَي مقالة عاذلٍ ... ولا تسْأمي من عَبْرَةٍ ونَحيبِ
أباكِ وإخوانًا له قد تتابعوا ... وحُقَّ لهم من عَبْرَةٍ بنصِيب
وسَلَّى الذي قد كان في النَّفْس أنّني ... قَتلت من النَّجار كُلَّ نجيب
ومن هاشمٍ قرْمًا نجيبًا ومُصْعبًا ... وكان لدَى الهْيجاء غير هَيُوب
وَلو أنّني لم أشْف منهم قَرُونتي ... لكانت شجىً في القلب ذات نُدُوب
فآبُوا وَقد أودَى الحلائِبُ منْهُمُ ... لهم خَدَبٌ من مُغْبطٍ وكئيب
أصابَهُم من لم يكن لِدِمَائهم ... كَفيًّا ولا في خُطَّةٍ بضرِيب
فأجابه حسان بن ثابت فقال:
ذكرْتَ القُرُومَ الصِّيدَ من آل هاشمٍ ... ولسْتَ لزُورٍ قُلْتَهُ بمُصيب
أتعجَبُ أنْ أقْصَدْتَ حَمْزَةَ منْهُمُ ... نجيبًا وقدْ سَمَّيتَهُ بنَجيب
أَلمْ يَقْتُلُوا عَمْرًا وعُتْبَةَ وابْنَهُ ... وشَيبَةَ وَالحَجَّاجَ وابْنَ حَبيبِ!
غَدَاة دعَا العاصي عَليًا فراعَهُ ... بِضَرْبةِ عَضْبٍ بلّه بخَضيب
وقال شدّاد بن الأسود، يذكر يده عند أبي سفيان بن حرب فيما دفع عنه:
وَلوْلا دِفَاعِي يا بنَ حَرْبٍ ومَشْهَدِي ... لألْفِيتَ يَوْمَ النَّعْفِ غيرَ مجِيبِ
ولَوْلا مَكرّي المُهْرَ بالنَّعْفِ قَرْقَرَتْ ... ضِبَاعٌ عَلَيهِ أو ضِرَاءُ كَلِيبِ
وقال الحارث بن هشام يجيب أبا سفيان في قوله:
وما زال مُهْرِي مَزْجَرَ الكلبِ منهمُ
وظنَّ أنه يعرّض به إذ فرّ يوم بدر:
وإنَّك لوْ عَاينْتَ ما كان منْهُمُ ... لأُبْتَ بقَلْبٍ مَا بقيتَ نَخِيبِ
لَدَى صَحْنِ بدْرٍ أَو لقامَتْ نَوائِحٌ ... عليك، ولم تَحفِلْ مُصَابَ حَبِيب
جَزَيتهمُ يَومًا ببَدْر كمثْلِهِ ... على سابِحٍ ذي مَيعَةٍ وَشَبِيب (١)
(٢: ٥٢٢/ ٥٢٣ / ٥٢٣).
قال أبو جعفر: وقد وقفت هند بنت عتبة - فيما حدثنا ابن حميد؛ قال: حدَّثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: حدَّثني صالح بن كيسان - والنسوة اللَّاتي معها يمثلنَ بالقتْلَى من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يَجْدَعْنَ الآذان
(١) إسناده ضعيف.