للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالآباء. الناسُ من آدَمَ؛ وآدم خلق من تراب. ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... } لآية.

يا معشر قريش، ويا أهل مكة؛ ما تُرَوْن أني فاعلٌ بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريمٌ وابن أخ كريم. ثم قال: اذهبُوا فأنتم الطُّلَقاء.

فأعتقهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عَنْوة، وكانوا له فيئًا، فبذلك يسمَّى أهل مكة الطلقاء (١). (٣: ٦١).

٣١١ - ثمّ اجتمع الناس بمكَّة لبيَعةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام، فجلس لهم -فيما بلغني- على الصَّفَا وعمر بن الخطاب تحت رسول الله أسفلَ من مجلسه يأخذ على الناس. فبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة لله ولرسوله -فيما استطاعوا- وكذلك كانت بيعتُه لمن بايع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من الناس على الإسلام. فلما فرغ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من بيعة الرّجال بايعَ النساء، واجتمع إليه نساءٌ من نساء قريش؛ فيهنَّ هند بنت عُتْبة، متنقّبة متنكّرة لحدَثِها وما كان من صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحدثها ذلك، فلما دنوْن منه ليبايعنَه قال


(١) الظاهر أن الطبري جعل هذا جزءًا من الرواية السابقة (وإسنادها ضعيف) ولكن أخرجه ابن هشام من قول ابن إسحاق بلاغًا، ولقد قال الغزالي في إحياء علوم الدين (٣/ ١٨٢): عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: ما تقولون وما تظنون؟ فقالوا: نقول: أخ وابن عم حليم رحيم. قالوا ذلك ثلاثًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أقول كما قال يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
قال: فخرجوا فكأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإسلام. وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: حديث أبي هريرة رواه ابن الجوزي في الوفاء من طريق ابن أبي الدنيا وفيه ضعف. اهـ.
قلنا: وذكر الغزالي بعد ذلك حديثًا آخر عن سهيل بن عمرو قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وضع يديه على باب الكعبة والناس حوله فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم قال: يا معشر قريش ما تقولون وما تظنون؟ قال: قلت يا رسول الله نقول خيرًا ونظن خيرًا أخ كريم وابن عم رحيم، وقد قدرت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقول كما قال أخي يوسف {لَا تَثْرِيبَ عَلَيكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ}.
وقال العراقي: لم أجده (إحياء علوم الدين مع المغني في تخريج أحاديث الإحياء) (٣/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>