للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأستغفر الله للمؤمنين وللمؤمنات، والسلام عليكم.

قالوا: يا محمد، ائذَنْ لشاعرنا، فقال: نعم، فقام الزِّبرقان بن بدر فقال:

نحْنُ الكرامُ فلا حَيٌّ يُعادِلُنا ... منَّا الملوكُ وفينَا تُنصَبُ البِيَعُ

وكَم قَسَرْنا من الأحياء كلّهم ... عند النِّهَابِ وفَضْلُ العِزِّ يُتَّبعُ

ونحن نُطْعم عند القَحْطِ مطعَمنا ... منَ الشِّوَاءِ إذا لم يُؤنَس القَزَعُ

ثم ترَى الناسَ تأْتينا سَرَاتُهُم ... من كلِّ أرضٍ هُويًّا ثمَّ نَصْطَنعُ

فَنَنْحَرُ الكُومَ عُبْطًا في أرُومَتِنَا ... للنَّازِلينَ إذا ما أنزِلوا شَبِعُوا

فلا تَرَانا إلَى حَيّ نُفاخِرُهُمْ ... إلا اسْتَقَادُوا أو كادَ الرَّأسُ يُقْتَطَعُ

إنا أبَينا ولَنْ يأْبَى لنا أحَدٌ ... إنا كَذلِكَ عند الفَخْرِ نَرْتَفِعُ

فمَنْ يُقَادِرنَا في ذاكَ يعْرِفنا ... فيرجِع القَوْل والأخبَارُ تُسْتَمَعُ

وكان حسّان بن ثابت غائبًا، فبحث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال حسان: فلمّا جاءني رسولهُ فأخبرني أنه إنما دَعَاني لأجيبَ شاعر بني تميم، خرجتُ إلى رسول الله، وأنا أقول:

مَنَعنَا رسولَ اللهِ إِذْ حَلَّ وَسْطَنَا ... على كلِّ باغٍ من مَعَدٍّ وراغِمِ

منعْنَاه لمّا حَلَّ بين بُيُوتنا ... بأسْيافنا من كلِّ عادٍ وظالِم

ببَيتٍ حَرِيدٍ عِزُّه وثَرَاؤُه ... بجابِيَةِ الجَوْلانِ وَسْطَ الأعاجِمِ

هَلِ المَجْد إلا السُّؤدُد العَوْد والنَّدَى ... وَجَاهُ الملوكِ وَاحتمالُ العَظَائم!

قال: فلما انتهيتُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وقام شاعر القوم، فقال ما قال، عرضتُ في قوله وقلت على نحوٍ مما قال؛ فلما فرغ الزِّبرقان بن بدر من قوله قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لحسّان: قم يا حسّان فأجب الرجل فيما قال، قال: فقال حسان:

إنَّ الذَّوَائِبَ من فِهْرٍ وَإخْوتَهِم ... قد بيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ

يَرْضَى بها كلُّ مَن كانت سَرِيرَتُهُ ... تَقْوَى الإِلهِ وكلُّ الخير يُصْطَنَعُ

قومٌ إذا حَارَبُوا ضَرُّوا عَدُوَّهمُ ... أو حَاوَلُوا النَّفْعَ في أشياعهمْ نَفَعُوا

سَجيَّةٌ تلك منهم غير مُحْدَثَةٍ ... إنَّ الخلائق فاعلم شَرُّها الْبِدَعُ

إنْ كانَ في الناسِ سَبَّاقونَ بَعْدَهُمُ ... فكلُّ سَبْقٍ لأَدْنَى سَبْقِهِمْ تَبَعُ

لَا يَرقعُ الناسُ ما أَوْهَتْ أكُفُّهمُ ... عند الدِّفاعِ وَلَا يُوهُونَ مَا رَقَعُوا

إِنْ سابَقوا الناسَ يَوْمًا فازَ سَبْقُهُمُ ... أوْ وَازنُوا أَهْلَ مَجْدٍ بالنَّدَى مَتَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>