قتلة؛ وفعل مَنْ وراءهم فعلهم. وعزَّ المسلمون بوقعة أبي بكر، وحلَف أبو بكر ليقتلَنّ في المشركين كلّ قتلة، وليقتلنّ في كلّ قبيلة بمن قتلوا من المسلمين وزيادة، وفي ذلك يقول زياد بن حنظلة التميميّ:
غَدَاةَ سَعَى أبو بَكْرٍ إلَيهِم ... كما يَسْعَى لموْتَته جُلالُ
ثم لم يُصنَعْ إلَّا ذلك؛ حتى ازداد المسلمون لها ثباتًا على دينهم في كلّ قبيلة، وازداد لها المشركون انعكاسًا من أمرهم في كلّ قبيلة؛ وطرقت المدينةَ صدقاتُ نفر: صَفْوان، الزبرقان، عديّ؛ صفوان، ثم الزبرقان، ثم عديّ، صفوان في أول الليل، والثاني في وسطه، والثالث في آخره. وكان الذي بشّر بصَفْوان سعد بن أبي وقاص، والذي بشّر بالزبرقان عبدُ الرحمن بن عوف، والذي بشَّر بعديّ عبدُ الله بن مسعود. وقال غيره. أبو قتادة.
قال: وقال الناس لكلِّهم حين طلع: نذير، وقال أبو بكر: هذا بشير، هذا حامٍ وليس بوانٍ؛ فإذا نادى بالخير، قالوا: طالما بشّرت بالخير! وذلك لتمام ستين يومًا من مَخْرج أسامة. وقدم أسامة بعد ذلك بأيام لشهرين وأيام، فاستخلفه أبو بكر على المدينة، وقال له ولجنده: أريحوا وأريحوا ظهركم.
ثم خرج في الذين خرجوا إلى ذي القَصّة والذين كانوا على الأنقاب على ذلك الظهر؛ فقال له المسلمون: نَنْشُدُك الله يا خليفة رسول الله أنْ تعرّض نفسك! فإنك إن تُصَبْ لم يكن للناس نِظَامٌ، ومقامُك أشدّ على العدوّ؛ فابعث رجلًا، فإن أصيب أمّرتَ آخر، فقال: لا والله لا أفعلُ، ولأواسينكم بنفسي! فخرج في تعبيته إلى ذي حُسىً وذيِ القَصّة، والنُّعمان وعبد الله وسُويد على ما كانوا عليه، حتى نزل على أهل الرَّبذة بالأبرق؛ فاقتتلوا، فهزم الله الحارث وعوفًا، وأُخِذ الحطَيئةُ أسيرًا، فطارت عبس وبنو بكر، وأقام أبو بكر على الأبرق أيامًا؛ وقد غلَب بني ذُبيان على البلاد. وقال: حرام علي بني ذبيان أن يتملّكوا هذه البلاد إذْ