٢٤٦ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سَيْف، عن عمرو، عن الشعبيّ، قال: كان عمر قد كتب إلى سعد مرتحلَه من زَرُود: أن ابعث إلى فَرْج الهند رجلًا ترضاه يكون بحياله، ويكون ردءًا لك من شيء إن أتاك من تلك التّخوم، فبعث المغيرة بن شعبة في خمسمئة، فكان بحيال الأبُلَّة من أرض العرب؛ فأتى غُضَيًّا، ونزل على جرير؛ وهو فيما هنالك يومئذ. فلمَّا نَزل سعد بشَراف، كتب إلى عمر بمنزله وبمنازل الناس فيما بين غضيّ إلى الجَبّانة، فكتب إليه عمر: إذا جاءك كتابي هذا؛ فعشّر النَّاس وعرّف عليهم، وأمّرْ على أجنادهم، وعبّهم، ومُرْ رؤساء المسلمين فليَشْهَدوا، وقدّرْهم وهم شهود، ثم وجّههم إلى أصحابهم، وواعدْهم القادسيَّة؛ واضمم إليك المغيرة بن شعبة في خَيْله؛ واكتب إليّ بالذي يستقرّ عليه أمرهم.
فبعث سعد إلى المغيرة، فانضمّ إليه وإلى رؤساء القبائل، فأتوْه، فقدّر الناس وعبَّاهم بشَراف، وأمَّر أمراء الأجناد، وعرّف العُرَفاء، فعرّف على كلّ عشرة رجلًا، كما كانت العِرافات أزمانَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك كانت إلى أن فُرِض العطاء، وأمَّر على الرّايات رجالًا من أهل السابقة، وعشّر الناس، وأمّر على الأعشار رجالًا من الناس لهم وسائل في الإسلام، وولّى الحروبَ رجالًا، فولَّى على مقدّماتها ومجنَّباتها وساقتها ومجرّداتها وطلائعها ورَجْلها ورُكْبانها، فلم يفصل إلّا على تعبيَة، ولم يفصل منها إلّا بكتاب عمر وإذنه، فأمَّا أمراء التعبية؛ فاستعمل زُهرة بن عبد الله بن قتادة بن الحوية بن مَرْثَد بن معاوية بن معن بن مالك بن أرثم بن جُشَم بن الحارث الأعرج، وكان ملك هَجَر قد سَوّدَه في الجاهليّة، ووفَّدَه على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقدّمه، ففصل بالمقدّمات بعد الإذن من شَراف؛ حتى انتهى إلى العُذيْب، واستعمل على الميمنة عبد الله بن المعْتمّ، وكان من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وكان أحدَ التّسعة الذين قدموا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتمَّمهم طلحة بن عبيد الله عشرة، فكانوا عِرافة، واستعمل على الميسرة شُرحبيل بن السِّمْط بن شُرَحبيل الكِنْديَّ -وكان غلامًا شابًّا، وكان قد قاتل أهل