الأمانة؛ رجوتُ أن تُنصَروا عليهم؛ ثم لا يجتمع لكم مثلهم أبدًا إلّا أن يجتمعوا؛ وليست معهم قلوبهم، وإن تكن الأخرى؛ كان الحجَر في أدباركم؛ فانصرفتم من أدنى مَدَرة من أرضهم إلى أدنى حَجَر من أرضكم؛ ثم كنتم عليها أجرأ وبها أعلم، وكانوا عنها أجبَن وبها أجهل؛ حتى يأتيَ الله بالفتح عليهم، ويردّ لكم الكرّة.
وكتب إليه أيضًا باليوم الذي يرتحل فيه من شَراف: فإذا كان يوم كذا وكذا فارتحل بالنَّاس حتى تنزلَ فيما بين عُذَيب الهِجانات، وعُذَيب القوادس، وشرّق بالناس وغرّبْ بهم.
ثم قدم عليه كتاب جواب عمر: أمَّا بعد، فتعاهد قلبك، وحادِثْ جندَك بالموعظة والنِّيّة والحِسْبة، ومَنْ غفل فلْيُحْدثْهما؛ والصبرَ الصبرَ؛ فإنّ المعونة تأتي من الله على قدر النيَّة؛ والأجر على قدر الحسنة والحذَرَ الحذرَ على مَنْ أنت عليه وما أنت بسبيله، واسألوا الله العافية، وأكثِروا من قول:"لا حول ولا قوّة إلا بالله"، واكتب إليّ أين بَلغك جمعُهم، ومَن رأسُهم الذي يلي مصادمتكم؛ فإنه قد منعني من بعض ما أردت الكتاب به قلَّةُ عِلْمي بما هجمتم عليه، والذي استقرّ عليه أمرُ عدوّكم؛ فصِفْ لنا منازل المسلمين، والبلد الذي بينكم وبين المدائن صفةً كأني أنظر إليها، واجعلني من أمركم على. الجلية، وحْفِ الله وارجُه، ولا تُدِلّ بشيء. واعلم أنّ الله قد وَعدكم. وتوكَّل لهذا الأمر بما لا خُلْف له، فاحذرْ أن تَصرفه عنك، ويستبدل بكم غيركم.
فكتب إليه سعد بصفة البلدان: إنّ القادسيّة بين الخندق والعَتيق، وإنّ ما عن يسار القادسيّة بحر أخضر في جوف لاحّ إلى الحيرة بين طريقين؛ فأمَّا أحدهما فعلى الظَّهْر، وأمَّا الآخر فعلى شاطئ نهر يُدعَى الحُضُوض؛ يطلع بمَنْ سلكه على ما بين الخَوَرْنَق والحيرة؛ وما عن يمين القادسيَّة إلى الوَلَجة فيضٌ من فيوض مياههم. وإن جميع من صالح المسلمين من أهل السَّواد قبلي ألْبٌ لأهل فارس قد خَفُّوا لهم، واستعدُّوا لنا. وإنَّ الذي أعدّوا لمصادمتنا رُسْتم. في أمثال له منهم؛ فهم يحاولون إنغاضَنا وإقحامنا، ونحن نحاول إنغاضهم وإبرازهم، وأمْرُ الله بعدُ ماضٍ، وقضاؤه مسلّم إلى ما قدّر لنا وعلينا، فنسأل الله خير القضاء، وخير القَدَر في عافية.