للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سأله عن الَّذي في يده فقال: سوط، والسوط بالفارسيّة الحريق، فقال: أحرقوا فارس أحرقهم الله! وكان تَطيُّره على أهل فارس، وكانوا يجدون من كلامه (١). (٣: ٤٩٨).

٢٥٤ - كتب إليّ السريُّ عن شُعيب، عن سيْف، عن عمرو، عن الشعبيّ، بمثله وزاد: ثمّ قال الملك: سلْهم ما جاء بكم؟ وما دعاكم إلى غَزْوِنا والوَلوغ ببلادنا؟ أمِنْ أجلِ أنَّا أجممناكم، وتشاغلنا عنكم، اجترأتم علينا! فقال لهم النعمان بن مقرّن: إن شئتم أجبتُ عنكم؛ ومن شاء آثرته. فقالوا: بل تكلَّم، وقالوا للملك: كلامُ هذا الرجل كلامُنا. فتكلَّم النّعمان، فقال: إنَّ الله رحمنا فأرسل إلينا رسولًا يدلّنا على الخير ويأمرُنا به، ويعرّفنا الشرّ وينهانا عنه، ووعدنا على إجابته خيرَ الدّنيا والآخرة؛ فلم يدعُ إلى ذلك قبيلةً إلّا صاروا فرقتيْن؛ فرقة تُقاربه، وفرقة تباعده، ولا يدخل معه في دِينه إلّا الخواصّ. فمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث، ثم أمر أن ينبذ إلى مَن خالفه من العرب؛ وبدأ بهم وفعل؛ فدخلوا معه جميعًا على وجْهين: مُكرَه عليه فاغتبط؛ وطائع أتاه فازداد؛ فعرفنا جميعًا فضلَ ما جاء به على الَّذي كنَّا عليه من العداوة والضّيق؛ ثم أمرنا أن نبدأ بمَن يلينا من الأمم فندعوهم إلى الإنصاف، فنحن ندعُوكم إلى ديننا، وهو دين حسَّن الحسَن وقبَّح القبيح كلَّه، فإن أبيتم فأمرٌ من الشرّ هو أهون من آخرَ شرٍّ منه الجِزاء؛ فإن أبيتم فالمناجزة، فإن أجبتم إلى ديننا خَلَّفنا فيكم كتاب الله، وأقمناكم عليه، على أن تحكموا بأحكامه، ونرجع عنكم وشأنكم وبلادكم؛ وإن اتّقيتمونا بالجِزاء قَبِلْنا ومنعناكم؛ وإلّا قاتلناكم.

قال: فتكلَّم يَزْدَجرد، فقال: إني لا أعلم في الأرْض أمَّه كانت أشقى ولا أقلّ عددًا ولا أسوأ ذات بين منكم؛ قد كنَّا نوكّل بكم قُرَى الضواحي فيكفونناكُم. لا تغزون فارس ولا تطمعون أن تَقُوموا لهم، فإن كان عدد لحق؛ فلا يغرَّنَّكم منَّا، وإن كان الجَهد دعاكم فرضْنا لكم قوتًا إلى خِصْبكم؛ وأكرمْنا وجوهكم وكسوناكم، وملَّكنا عليكم مَلِكًا يرفُق بكم.

فأسكَت القوم. فقام المغيرة بن زُرارة بن النبَّاش الأسَيْديُّ، فقال: أيُّها


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>