للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِجَج؛ فأنتم تطعمون منها، وتأكلون منها، وتقتلون أهلها، وتجْبونهم وتسبونهم إلى هذا اليوم بما نال منهم أصحاب الأيّام منكم، وقد جاءكم منهم هذا الجمع؛ وأنتم وجوهُ العرب وأعيانُهم، وخيار كلّ قبيلة، وعِزُّ مَن وراءكم؛ فإن تَزْهدوا في الدّنيا، وترغبوا في الآخرة؛ جَمَع الله لكم الدُّنيا والآخرة، ولا يقرّب ذلك أحدًا إلى أجله، وإنْ تفشَلوا، وتَهِنوا، وتضعُفوا، تذهب ريحُكم، وتُوبِقوا آخرتكم.

وقام عاصم بن عمرو في المجرّدة؛ فقال: إنَّ هذه بلاد قد أحلّ الله لكم أهلَها، وأنتم تنالون منهم منذ ثلاث سنين ما لا ينالون منكم، وأنتم الأعلوْن والله معكم؛ إن صبرتم وصدقتموهم الضّرب، والطعن؛ فلكم أموالهم، ونساؤهم، وأبناؤهم، وبلادهم؛ وإن خُرتم وفشلتم فالله لك من ذلك جار وحافظ، لم يُبق هذا الجمع منكم باقية؛ مخافةَ أن تعودوا عليهم بعائدة هلاك. الله الله! اذكروا الأيّام وما منحكم الله فيها! أوَ لا ترون أنّ الأرض وراءكم بسابس قِفارٌ ليس فيها خَمَر، ولا وَزَر يُعقل إليه، ولا يُمتنَع به! اجعلوا همّكم الآخرة!

وكتب سعد إلى الرّايات: إني قد استخلفتُ عليكم خالد بن عُرْفُطة، وليس يمنعني أن أكونَ مكانَه إلا وَجَعي الذي يعودُني وما بي من الحُبون، فإنّي مُكبّ على وجهي وشخصي لكم بادٍ، فاسمعوا له وأطيعوا، فإنَه إنَّما يأمركم بأمري، ويعمل برأيي، فقُرئ على النَّاس فزادهم خيرًا، وانتهوْا إلى رأيه، وقبلوا منه وتحاثّوا على السمع والطاعة، وأجمعوا على عُذر سعد والرّضا بما صنع (١). (٣: ٥٣١/ ٥٣٢).

٢٩٠ - كتب إليّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن حلّام، عن مسعود، قال: وخطب أمير كلّ قوم أصحابَه، وسيّر فيهم، وتحاضّوا على الطاعة، والصبر وتواصَوْا؛ ورجع كلّ أمير إلى موقفه بمن والاه من أصحابه عند المواقف؛ ونادى مُنادي سعد بالظُّهر، ونادى رستم: "بادِشَهانِ مَرَنْدر"، أكل عمر كبدي أحرق الله كبده! علَّم هؤلاء حتى علموا (٢). (٣: ٥٣٢)


(١) إسناده ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>