للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِكْرش إذا رَوِيَ؛ قصّب، فصار قصبًا، قال: فشأنكم؛ فابتنى أهل المصريْن بالقصب.

ثم إن الحريق وقع بالكوفة وبالبصرة، وكان أشدّهما حريقًا الكوفة، فاحترق ثمانون عريشًا، ولم يبق فيها قَصبة في شوّال، فما زال الناس يذكرون ذلك. فبعث سعد منهم نفرًا إلى عُمر يستأذنون في البناء باللبِن، فقدِموا عليه بالخبر عن الحريق، وما بلغ منهم -وكانوا لا يَدَعون شيئًا ولا يأتونه إلّا وآمَروه فيه- فقال: افعلوا؛ ولا يزيدَنّ أحدُكم على ثلاثة أبيات، ولا تطاوَلوا في البنيان، والزموا السنّة تلزمكم الدولة. فرجع القوم إلى الكوفة بذلك. وكتب عمر إلى عُتبة وأهل البصرة بمثل ذلك؛ وعلى تنزيل أهل الكوفة أبو الهيّاج بن مالك، وعلى تنزيل أهل البصرة عاصم بن الدُّلَف أبو الجرباء.

قال: وعهد عمر إلى الوفد، وتقدّم إلى الناس: ألّا يرفعوا بنيانًا فوق القَدْر. قالوا: وما القدْر؟ قال: ما لا يقرّبكم من السَّرَف، ولا يخرجكم من القصد (١). (٤: ٤٣/ ٤٤).

٤٧٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، والمهلب، وعمرو، وسعيد، قالوا: لما أجمعوا على أن يضعوا بنيان الكوفة؛ أرسل سعد إلى أبي الهيّاج فأخبره بكتاب عمر في الطّرُق: أنه أمر بالمناهِج أربعين ذراعًا، وما يليها ثلاثين ذراعًا، وما بين ذلك عشرين، وبالأزّقة سبع أذرع، ليس دون ذلك شيء، وفي القطائع ستين ذراعًا إلّا الذي لبني ضبّة. فاجتمع أهل الرأي للتقدير؛ حتى إذا أقاموا على شيء؛ قسّم أبو الهيّاج عليه؛ فأوّل شيء خُطّ بالكوفة وبُني حين عزموا على البناء المسجدُ، فوُضع في موضع أصحاب الصابون والتّمارين من السوق، فاختطوه، ثم قام رجل في وسطه، رامٍ شديد النّزع، فرمى عن يمينه فأمر مَنْ شاء أن يبنيَ وراء موقع ذلك السهم، ورمى من بين يديه ومن خلفه، وأمر مَن شاء أن يبني وراء موقع السهمين. فترك المسجد في مربّعةِ غلوة من كلّ جوانبه، وبنى ظلّةً في مقدسه، ليست لها مجنّبات ولا مواخير، والمربعة لاجتماع الناس لئلا يزدحموا، وكذلك كانت المساجد


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>