للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: خلّ ابنيْ عبد مناف وهذا الأمر، قال: نصيبي لعليّ، وقال لسعد: أنا وأنت كَلَالة، فاجعل نصيبك لي فأختار، قال: إن اخترتَ نفسك فنعم، وإن اخترتَ عثمان فعليّ أحبّ إليّ؛ أيها الرجل بايع لنفسك وأرِحْنا، وارفع رؤوسنا، قال: يا أبا إسحاق! إني قد خلعتُ نفسي منها على أن أختار، ولو لم أفعل وجُعل الخيار إليّ لم أرِدْها، إني أريت كروضة خضراء كثيرة العُشْب، فدخل فحلٌ فلم أر فحلًا قطّ أكرم منه، فمرّ كأنه سهم لا يلتفت إلى شيء مما في الرّوْضة حتى قطعها, لم يعرّج. ودخل بعير يتلوه فاتّبع أثره حتى خرج من الرّوضة، ثم دخل فحل عبقريٌّ يجرّ خِطامه، يلتفت يمينًا وشمالًا ويمضي قَصْد الأوليْن حتى خرج، ثمّ دخل بعير رابع فرتَع في الرّوْضة؛ ولا والله لا أكون الرابع؛ ولا يقوم مقام أبي بكر وعمر بعدهما أحدٌ فيرضى الناس عنه. قال سعد: فإني أخافُ أن يكون الضّعف قد أدركك، فامضِ لرأيك؛ فقد عرفت عهد عمر.

وانصرف الزبير، وسعد، وأرسل المِسْور بن مخرمة إلى عليّ، فناجاه طويلًا؛ وهو لا يشكّ: أنه صاحب الأمر، ثم نهض؛ وأرسل المِسوَر إلى عثمان. فكانا في نجيّهما؛ حتى فرّق بينهما أذان الصبح. فقال عمرو بن ميمون: قال لي عبد الله بن عمر: يا عمرو! مَنْ أخبرك أنه يعلم ما كلّم به عبد الرحمن بن عوف عليًّا، وعثمان، فقد قال بغير علم؛ فوقع قضاء ربّك على عثمان. فلما صلوا الصبح جمع الرهط، وبعث إلى من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار, وإلى أمراء الأجناد، فاجتمعوا حتى التجّ المسجد بأهله، فقال: أيُّها الناس! إنّ الناس قد أحبّوا أن يلحق أهلُ الأمصار بأمصارهم وقد علموا مَن أميرُهم. فقال سعيد بن زيد: إنّا نراك لها أهلًا، فقال: أشيروا عليّ بغير هذا، فقال عمّار: إن أردت ألّا يختلف المسلمون فبايع عليًّا. فقال المقداد بن الأسود: صَدق عمّار؛ إن بايعت عليًّا؛ قلنا: سمعنا، وأطعنا. قال ابنُ أبي سرح: إن أردت ألّا تختلف قريش فبايع عثمان. فقال عبد الله بن أبي ربيعة: صَدق؛ إن بايعتَ عثمان؛ قلنا: سمعنا وأطعنا. فشتم عمّار ابن أبي سَرْح، وقال: متى كنت تنصح المسلمين؟ !

فتكلم بنو هاشم وبنو أميّة، فقال عمار: أيُّها الناس! إنّ الله عزّ وجلّ أكرمنا بنبيّه، وأعزّنا بدينه، فأنّى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم! فقال رجل من

<<  <  ج: ص:  >  >>