للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سخطتم؛ فهو ردّ. قالوا: فإنا نسخطه، قال: فهو ردّ، وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك، واستصلاحهم، قالوا: فاعزله عنّا، فإنا لا نريد أن يتأمّر علينا، وقد وقع ما وقع؛ فكتب إليه أن استخلف على إفريقية رجلًا ممن ترضى، ويرضون، واقسم الخمس الذي كنت نفّلتك في سبيل الله؛ فإنهم قد سَخِطوا النّفل. ففعل، ورجع عبد الله بن سعد إلى مصر وقد فتح إفريقية، وقتل الأجلَّ. فما زالوا من أسمع أهل البلدان وأطوَعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك؛ أحسن أمة سلامًا، وطاعةً؛ حتى دبّ إليهم أهل العراق، فلما دبّ إليهم دعاة أهل العراق، واستثاروهم؛ شقّوا عصاهم، وفرّقوا بينهم إلى اليوم. وكان من سبب تفريقهم: أنهم ردّوا على أهل الأهواء، فقالوا: إنا لا نخالف الأئمة بما تجني العمّال، ولا نحمل ذلك عليهم؛ فقالوا لهم: إنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك، فقالوا لهم: لا نقبل ذلك حتى نبورَهم؛ فخرج ميسرة في بضعة عشر إنسانًا حتى يقدم على هشام، فطلبوا الإذن، فصعب عليهم، فأتوا الأبرش، فقالوا: أبلغ أمير المؤمنين: أنّ أميرنا يغزو بنا وبجنده، فإذا أصاب نفَّلهم دوننا، وقال: هم أحقّ به؛ فقلنا: هو أخلص لجهادنا؛ لأنا لا نأخذ منه شيئًا، إن كان لنا فهم منه في حلّ؛ وإن لم يكن لنا لم نُرِده. وقالوا: إذا حاضرنا مدينةً قال: تقدّموا، وأخّر جنده، فقلنا: تقدّموا، فإنه ازدياد في الجهاد، ومثلكم كفى إخوانه، فوقيناهم بأنفسنا، وكفيناهم. ثمّ إنهم عمَدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يبقرونها على السِّخال يطلبون الفِراء البيض لأمير المؤمنين، فيقتلون ألف شاة في جلد، فقلنا: ما أيسر هذا لأمير المؤمنين! فاحتملنا ذلك، وخلّيناهم وذلك. ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كلّ جميلة من بناتنا، فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ولا سنّة، ونحن مسلمون؛ فأحببنا أن نعلم: أعن رأي أمير المؤمنين ذلك أم لا؟ قالوا: نفعل؛ فلما طال عليهم، ونفدت نفقاتهم، كتبوا أسماءهم في رِقاع، ورفعوها إلى الوزراء، وقالوا: هذه أسماؤنا وأنسابنا؛ فإن سألكم أمير المؤمنين عنَّا؛ فأخبروه، ثم كان وجههم إلى إفريقيَة، فخرجوا على عامل هشام فقتلوه، واستولوا على إفريقيّة؛ وبلغ هشامًا الخبر، وسأل عن النّفر، فرفعت إليه أسماؤهم، فإذا هم الذين جاء الخبر أنهم صنعوا ما صنعوا (١). (٤: ٢٥٣/ ٢٥٤/ ٢٥٥).


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>