للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة حتى لا ترتدّ أعرابيًّا؛ ففعل (١). (٤: ٢٨٣/ ٢٨٤).

٧٢٦ - وكتب إليّ السَّريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان أبو ذرّ يختلف من الرّبذَة إلى المدينة مخافة الأعرابيّة، وكان يحبّ الوحدة والخلْوة. فدخل على عثمان، وعنده كعب الأحبار، فقال لعثمان: لا ترضوا من الناس بكفّ الأذى حتى يبذلوا المعروف؛ وقد ينبغي للمؤدي الزكاة ألّا يقتصر عليها حتى يحسن إلى الجيران والإخوان، ويصل القرابات. فقال كعب: مَنْ أدّى الفريضة فقد قضى ما عليه. فرفع أبو ذرّ مِحْجَنه فضربه فشجّه، فاستوهبه عثمان، فوهبه له، وقال: يا أبا ذرّ! اتّق الله،


(١) إسناده ضعيف، ولبعضه ما يؤيده ذكرناه في قسم الصحيح إلّا أن فيه نكارة شديدة (ولذا ذكرناها في قسم الضعيف) إضافة إلى ضعف إسنادها، ونحن على يقين أن أئمة الحديث المتقدمين كانوا محققين ضعفوا سيفًا في الحديث، والراوي الذي يخطئ في الحديث (بإجماع العلماء) لا بد أن يقع في أخطاء كذلك في روايته للتأريخ وإن كان عارفًا بالتأريخ، ولذلك نرجو أن قد وُفّقْنا للصواب عندما اعتبرنا الأصل في روايات سيف التأريخية الضعف ولم نذكر منها في الصحيح إلا ما كان له أصل مع بقية الشروط التي ذكرنا في المقدمة، وكان عملنا هذا توفيقًا بين قول المتقدمين في ضعفه في الحديث، وقول الذهبي وابن حجر من المتأخرين من أنه ضعيف في الحديث خبير بالتأريخ، فاعتمدنا قول المتقدمين ولم نهمل نظرة المتأخرين والله تعالى أعلم.
ولقد سقنا هذا الكلام لنقول بأن سيفًا كان ضعيفًا في التأريخ كذلك وهو تأثير في ضعفه في رواية الحديث ويظهر ذلك جليًا في هذه الرواية بالذات وفي رواية أخرى ذكرناها في الضعيف (٤/ ٣٣٠/ ١٠٤٢)، وأما ها هنا فإن رواية سيف تبيّن أن اليهودي الأصل عبد الله بن سبأ هو الذي أثّر على أبي ذر ليحاجج معاوية في آية اكتناز الذهب والفضة، وأن أبا ذر انقاد لكلام ابن سبأ دون تريث، وتأثر به مباشرة، بينما الرواية نفسها تبين أن عبد الله بن سبأ عندما دخل على أبي ذر في المرة الثانية استغربه أبو ذر وفطن له وقال: ما أظنك إلا يهوديًا - فأين هذا من ذاك؟
والحق يقال: إن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا ليتأثروا بمقالة عبد الله بن سبأ (وهذا إذا ثبت أنه حاول استمالتهم)، ولم نجد رواية صحيحة السند تؤكد: أن عبد الله بن سبأ أثر في قناعة أبي ذر، أو عمار بن ياسر بل كلها روايات ضعيفة، وإن لم يكن البلاء من سيف كما ذكرنا هنا فإنه البلاء الأشد من قبل تلميذه وراويته شعيب وهو معروف بتحامله وطعنه في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم أجمعين، وسود الله وجوه الكذابين من الرواة، والحمد لله على نعمة الإسناد!

<<  <  ج: ص:  >  >>