سِنْجان ابن أخيه، فبلغ ذلك ماهويه أبا براز، فعمِل في هلاك يَزْدَجِرد وكتب إلى نَيْزك طَرْخان يخبره: أن يَزْدَجِرد وقع إليه مفلولًا، ودعاه إلى القُدوم عليه لتكون أيديهما معًا في أخذه، والاستيثاق منه، فيقتلوه، أو يصالحوا عليه العرب، وجعل له إن هو أراحه منه أن يفيَ له كلّ يوم بألف درهم، وسأله أن يكتب إلى يَزْدَجرد مماكرًا له لينحِّيَ عنه عامّة جنده، ويحصل في طائفة من عسكره وخواصّه، فيكون أضعف لرُكنه، وأهْون لشوكته، وقال: تُعْلِمه في كتابك إليه الذي عزمتَ عليه؛ من مناصحته ومعونته على عدوّه من العرب، حتى يقهرهم، وتطلب إليه أن يشقّ لك اسمًا من أسماء أهل الدّرجات بكتاب مختوم بالذهب، وتُعْلِمه أنك لستَ قادمًا عليه حتى يُنَحِّيَ عنه فرّخزاذ.
فكتب نَيْزك بذلك إلى يَزْدَجِرد، فلمّا ورد عليه كتابه؛ بعث إلى عظماء مَرو، فاستشارهم، فقال له سَنْجان: لست أرى أن تنحِّيَ عنك جندك وفرّخزاذ لشيء، وقال أبو براز: بل أرى أن تتألّف نيزك، وتجيبه إلى ما سأل. فقبل رأيه، وفرّق عنه جنده، وأمر فَرّخزاذ أن يأتي أجَمة سَرَخس، فصاح فَرّخزاذ، وشقّ جيبه، وتناول عمودًا بين يديه يريد ضرب أبي براز به، وقال: يا قتلة الملوك! قتلتم ملكَيْن، وأظنكم قاتلي هذا! ولم يبرح فرّخزاذ حتى كتب له يَزْدَجِرد بخطّ يده كتابًا: هذا كتاب لفرّخزاذ؛ إنك قد سلّمتَ يزدجِرْد وأهله وولده وحاشيتَه وما معه إلى ماهويه دِهْقان مَرْو. وأشهد عليه بذلك.
فأقبل نيزك إلى موضع بين المرْوين، يقال له: حلسدان؛ فلما أجمع يزدجرد على لقائه، والمسير إليه، أشار عليه أبو براز ألّا يلقاه في السلاح فيرتاب به، وينفر عنه؛ ولكن يلقاه بالمزامير والملاهي؛ ففعل فسار فيمن أشار عليه ماهويه، وسمّي له، وتقاعس عنه أبو براز، وكَرْدَس نيزك أصحابَه كراديس. فلمّا تدانيا استقبلَه نيزك ماشيًا، ويَزْدَجِرد على فرس له، فأمر لنيزك بجنيبة من جنائبه فركبها؛ فلمَا توسط عسكره تواقفا، فقال له نيزك فيما يقول: زوّجني إحدى بناتك وأناصحك، وأقاتل معك عدوّك. فقال له يَزْدَجرد: وعليّ تجترئ أيّها الكلب! فعلاه نيزك بمخْفقته، وصاح يَزْدَجرد: غَدَر الغادر! وركض منهزمًا، ووضع أصحاب نيزك سيوفهم فيهم، فأكثروا فيهم القتل.
وانتهى يَزْدَجِرد من هَزيمته إلى مكان من أرض مَرْو، فنزل عن فرسه، ودخل