للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيت طحّان فمكث فيه ثلاثة أيام؛ فقال له الطحّان: أيّها الشقيّ، اخرج فاطعَم شيئًا، فإنك قد جعت منذ ثلاث، قال: لستُ أصِل إلى ذلك إلا بزمزمة وكان رجل من زمازمة مَرْو أخرج حنطة له ليطحنها، فكلمه الطّحان أن يزمزم عنده ليأكل، ففعل ذلك؛ فلما انصرف سمع أبا براز يذكر يَزْدَجِرد، فسألهم عن حِلْيته؛ فوصفوه له، فأخبرهم أنه رآه في بيت طَحّان، وهو رجل جَعْد مقرون حسن الثنايا، مقرّط مسوَّر. فوجّه إليه عند ذلك رجلًا من الأساورة، وأمره إنْ هو ظفر به أن يخنقه بوَتر، ثم يطرحه في نهر مَرْو؛ فلقوا الطحّان، فضربوه ليدلّ عليه فلم يفعل، وجحدهم أن يكون يعرف أين توجّه. فلما أرادوا الانصراف عنه قال لهم رجل منهم: إنّي أجدُ ريح المسك؛ ونظر إلى طرف ثوبه من ديباج في الماء، فاجتذبه إليه؛ فإذا هو يَزْدَجِرد، فسأله ألّا يقتله ولا يدلّ عليه، ويجعل له خاتمه وسواره ومنطقته؛ قال الآخر: أعطني أربعة دراهم وأخلِّي عنك؛ قال يَزْدَجرد: ويحك خاتمي لك، وثمنه لا يحصى! فأبى عليه؛ قال يَزْدَجرد: قد كنت أخبَر أني سأحتاج إلى أربعة دراهم؛ وأضطر إلى أن يكون أكلي أكل الهرّ، فقد عاينتُ، وجاءني بحقيقته؛ وانتزع أحد قُرْطيه فأعطاه الطحان مكافأة له لكتمانه عليه، ودنا منه كأنه يكلمه بشيء، فوصف له موضعه، وأنذر الرَّجل أصحابه، فأتوْه، فطلب إليهم يَزْدَجرد ألّا يقتلوه وقال: ويحكم! إنّا نجد في كتبنا: أنّ مَن اجترأ على قتل الملوك عاقبه الله بالحريق في الدنيا؛ مع ما هو قادم عليه، فلا تقتلوني، وآتوني الدّهقان، أو سرّحوني إلى العرب؛ فإنهم يستحيون مثلي من الملوك؛ فأخذوا ما كان عليه من الحلي، فجعلوه في جراب، وختموا عليه؛ ثم خنقوه بوَتَر، وطرحوه في نهر مَرْو، فجرى به الماء حتى انتهى إلى فُوّهة الرّزيق، فتعلّق بعُود، فأتاه أسقف مَرْو فحمله ولفّه في طيلسان ممسَّك، وجعله في تابوت، وحمله إلى بائي بابان أسفل ماجان، فوضعه في عَقْد كان يكون مجلس الأسقف فيه وردمه، وسأل أبو براز عن أحد القُرْطين حين افتقده، فأخذ الذي دلّ عليه فضربه حتى أتى على نفسه، وبعث بما أصيب له إلى الخليفة يومئدْ، فأغرَم الخليفة الدّهقان قيمة القُرْط المفقود (١). (٤: ٢٩٦/ ٢٩٧/ ٢٩٨).

٧٤٨ - وقال آخرون: بل سار يَزْدَجرد من كَرْمان قبل ورود العرب إياها،


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>