للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: كأني أنظر إلى عبد الرحمن بن عُدَيس البلويّ وهو مسند ظهره إلى مسجد نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم - وعثمان بن عفان رضي الله عنه محصور، فخرج مرْوان بن الحكم، فقال: مَن يبارز؟ فقال عبد الرحمن بن عُدَيس لفلان بن عُروة: قم إلى هذا الرّجل، فقام إليه غلام شابّ طُوال، فأخذ رَفرف الدرع فغرزه في منطقته، فأعور له عن ساقه، فأهوى له مروادْ وضربه ابن عروة على عُنقه، فكأني أنظر إليه حين استدار. وقام إليه عبيد بن رفاعة الزُّرَقي ليدفِّف عليه، قال: فوثبت عليه فاطمة ابنة أوس جدّة إبراهيم بن عدي - قال: وكانت أرضعت مروان، وأرضعت له - فقالت: إن كنت إنما تريد قتل الرجل فقد قتِلَ؛ وإن كنت تريد أن تلعب بلحمه فهذا قبيح. قال: فكفّ عنه، فما زالوا يشكرونها لها، فاستعملوا ابنها إبراهيم بعد.

وقال ابن إسحاق: قال عبد الْرحمن بن عُدَيس البلويّ حين سار إلى المدينة من مصر:

أقْبلْنَ مِنْ بَلْبيسَ والصَّعيدِ ... مُسْتَحْقباتٍ حَلَقَ الحَديدِ

يَطْلُبن حَقَّ الله في سَعيدِ ... حتى رَجَعْنَ بالذي نريدُ (١)

(٤: ٣٨١).

٨٢١ - حدّثني جعفر بن عبد الله المحمدي، قال: حدّثنا عمرو بن حماد، وعليّ بن حسين، قالا: حدّثنا حسين بن عيسى عن أبيه، قال: لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان رضي الله عنه، وأبى إلَّا الإقامة على أمره، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم، فقام رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال له: نِيار بن عياض - وكان شيخًا كبيرًا - فنادى: يا عثمان! فأشرف عليه من أعلى داره؛ فناشده الله، وذكَّره الله لمَّا اعتزلهم! فبينا هو يراجعه الكلام إذ رَماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، وزعموا: أنّ الذي رماه كَثير بن الصلْت الكنديّ؛ فقالوا لعثمان عند ذلك: ادفع إلينا قاتل نِيار بن عياض فلنقتله به، فقال: لم أكن لأقتل رجلًا نصرني؛ وأنتم تريدون قتلي، فلمَّا رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه؛ وخرج عليهم مرْوان بن الحكم من دار عثمان في عصابة، وخرج سعيد بن


(١) في إسناده عبد الرحمن بن شريك، قال أبو حاتم: واهي الحديث، وأبوه صدوق يخطئ كثيرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>