عين؛ لا نتركه يأكل، ولا يشرب! فرمى بعمامته في الدار بأنّي قد نهضت فيما أنهضتني؛ فرجع. وجاءت أم حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملةً على إداوة، فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة، فضربوا وجه بغلتها، فقالت: إنّ وصايا بني أميّة إلى هذا الرجل، فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلِك أموال أيتام وأرامل. قالوا: كاذبة، وأهوْوا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فندّت بأمّ حبيبة، فتلّقاها الناس، وقد مالت رحالتها، فتعلّقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل، فذهبوا بها إلى بيتها. وتجهزت عائشة خارجة إلى الحجّ هاربة، واستتبعت أخاها، فأبَى؛ فقالت؛ أما والله لئن استطعتُ أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلنّ!
وجاء حنظلة الكاتب حتى قام على محمد بن أبي بكر، فقال: يا محمد! نستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعُها، وتدعوك ذؤبان العرب إلى ما لا يحلّ فتتبعهم! فقال: ما أنت وذاك يا بن التميميّة! فقال: يا بن الخثعميّة! إن هذا الأمر إن صار إلى التغالُب، غلبتك عليه بنو عبد مناف، وانصرف وهو يقول:
عَجبْتُ لِما يَخوضُ الناسُ فيهِ ... يرومونَ الخِلافَةَ أن تزولا
وكانوا كاليَهودِ أو النَّصارَى ... سواءٌ كُلُهُمْ ضَلُّوا السبيلا
ولحق بالكوفة. وخرجت عائشة وهي ممتلئة غيظًا على أهل مصر، وجاءها مَرْوان بن الحكم، فقال: يا أمَّ المؤمنين! لو أقمتِ كان أجدر أن يراقبوا هذا الرجلَ، فقالت: أتريد أن يُصنع بي كما صُنع بأمِّ حبيبة، ثم لا أجد من يمنعني! لا والله ولا أعيَّر ولا أدري إلام يسْلم أمر هؤلاء! وبلغ طلحةَ، والزبيرَ ما لقي عليّ، وأم حبيبة، فلزِموا بيوتهم، وبقيَ عثمان يسقيه آل حزم في الغَفَلات، عليهم الرّقباء، فأشرف عثمان على الناس، فقال: يا عبد الله بن عباس! - فدعي له - فقال: اذهب فأنت على الموسم - وكان ممّن لزم الباب - فقال: والله يا أميرَ المؤمنين لجهَاد هؤلاء أحبّ إليّ من الحج؛ فأقسم عليه لينطلقنّ. فانطلق ابن عباس على الموسم تلك السنة؛ ورمى عثمان إلى الزبير بوصيّته، فانصرف بها - وفي الزبير اختلاف: أأدرك مقتله، أو خرج قبله - وقال عثمان:{وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ ........ } الآية، اللهم حُل بين