اليمَنُ لعبيد الله، والحجاز لقُثَم، والبصرة لعبد الله، والكوفة لعليّ، ثم دعا بدابّته فركب راجعًا، وبلغ ذلك عليًّا فنادى: الرّحيل، ثمّ أجَدَّ السّير، فلحق به فلم يُره: أنه قد بلغه عنه، وقال: ما هذا السير؟ سبقتَنا! وخشيَ إن تُرِكَ والخروج أن يُوقع في أنفس الناس شرّا (١). (٤: ٤٩٠/ ٤٩١/ ٤٩٢/ ٤٩٣).
٩٧٦ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد، وطلحة، قالا: لما جاءت وفودُ أهل البصرة إلى أهل الكوفة ورجع القعقاع من عند أمّ المؤمنين، وطلحة، والزّبير بمثل رأيهم، جمع عليّ الناس، ثمّ قام على الغرائر، فحمد الله عزّ وجلّ، وأثنى عليه، وصلى على النَّبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكر الجاهليَّة وشقاءَها والإسلامَ والسعادة وإنعامَ الله على الأمّة بالجماعة بالخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ الذي يليه، ثم حدَث هذا الحدث الّذي جرّه على هذه الأمّة أقوامٌ طلبوا هذه الدنيا، حسدوا من أفاءَها الله عليه على الفضيلة، وأرادوا رَدَّ الأشياء على أدبارها، والله بالغٌ أمره، ومصيبٌ ما أراد، ألا وإني راحلٌ غدًا فارتحلوا، ألّا ولا يرتحلنّ غدًا أحدٌ أعان على عُثمان بشيء في شيء من أمور الناس، وليُغْنِ السفهاء عني أنفسَهم.
فاجتمع نفرٌ، منهم علباء بن الهيثم، وعديّ بن حاتم، وسالم بن ثعلبة العبسيّ، وشُرَيح بن أوفى بن ضُبَيعة، والأشتر في عدّة ممن سار إلى عثمان ورضيَ بسيْر مَن سار، وجاء معهم المصريون: ابن السوداء، وخالد بن ملجم، وتشاوروا، فقالوا: ما الرّأي؟ وهذا والله عليّ، وهو أبصر النّاس بكتاب الله، وأقرب ممّن يطلب قتلة عثمان، وأقربهم إلى العمل بذلك، وهو يقول ما يقول، ولم ينفر إليه إلّا هم والقليلُ من غيرهم، فكيف به إذا شامّ القوم وشامّوه، وإذا رأوا قِلّتنا في كثرتهم! أنتم والله ترادُون، وما أنتم بأنْجَى من شَيءْ. فقال الأشتر، أمّا طلحة، والزبير؛ فقد عَرفْنا أمْرَهما، وأمّا عليّ فلم نعرف أمره حتى كان اليوم، ورأيُ الناس فينا والله واحد، وإن يصطلحوا وعليّ؛ فعَلَى دمائنا؛ فهلمّوا فلنتواثبْ على عليّ، فنلحِقه بعثمان؛ فتعود فتنة يُرضَى منّا فيها بالسّكون.
(١) إسناده ضعيف وفي متنه نكارة ومنها قولها: (دخلنا واللج على أعناقنا) أي في بيعة علي ولا يصح.