فهذه نكارة من نكارات أبي مخنف -وما أكثرها- ونرى من المناسب أن نذكر هنا رواية عن الأشتر تبيّن تمامًا زيف هذه الرواية فقد أخرج الحاكم في المستدرك (٣/ ١٠٧) وابن أبي شيبة (١٥/ ٢٦٥): (لما رجع علي من الجمل وتهيأ لصفين اجتمعت النخع حتى دخلوا على الأشتر فقال: هل في البيت إلّا نخعي؟ فقالوا: لا، فقال: إن هذه الأمة عمدت إلى خيرها فقتلته، وسرنا إلى أهل البصرة قوم لنا عليهم بيعة فنصرنا عليهم بنكثهم، وإنكم تسيرون غدًا إلى أهل الشام قوم ليس لكم عليهم بيعة، فلينظر امرؤ منكم أين يضع سيفه) وصححه الذهبي على شرط مسلم. قلنا: وهذه رواية صريحة تؤكد أنه كان شاكًّا (ومنذ البداية وقبل وقوع المعركة) في صحة خروجه إلى صفين أم لا، وأراد من قومه أن يتريثوا خشية أن يرتكبوا خطأً كما فعل قوم في الفتنة قبلها- فمن أين اصطنع أبو مخنف هذا الحماس المنقطع النظير الذي ملأ قلب الأشتر حتى صاح قائلًا: (أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لن تبقى لكم)؟ ! أو يقول: (أنا أحالفكم وأعاقدكم على أن لا نرجع أبدًا حتى نظفر أو نهلك).