للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١١ - قال أبو مخنف: حدّثني أبو الصّلت التيميّ، قال: حدّثني أشياخ محارب: أنّه كان منهم رجل يقال له خنثر بن عبيدة بن خالد، وكان من أشجع الناس، فلما اقتتل الناس يومَ صِفِّين، جعل يرى أصحابه منهزِمين، فأخذ ينادي: يا معشر قيْس! أطاعةُ الشيطان آثر عندكم من طاعة الرحمن! الفِرار فيه معصية الله سبحانه وسخطُه، والصبر فيه طاعة الله عزّ وجلّ ورضوانُه، فتختارون سخطَ الله تعالى على رضوانِه، ومعصيتَه على طاعته! فإنما الراحة بعد الموت لمن مات محاسبًا لنفسه. وقال:

لا وأَلَتْ نَفسُ امْرِئٍ وَلَّى الدُّبُرْ ... أنا الَّذِي لا يَنثني ولا يَفِرْ

ولا يُرَى مع المعازيل الغُدُرْ

فقاتلَ حتى ارتُثّ، ثم إنه خرج مع الخمسمئة الذين كانوا اعتزلوا مع فَرْوة بن نَوْفل الأشجعيّ، فنزلوا بالدَّسكرة والبَنْدنيجَيْن، فقاتلت النَّخَع يومئذ قتالًا شديدًا، فأصيب منهم يومئذ بكْر بن هوْذَة، وحيّان بن هَوذة، وشُعيب بن نُعيم من بني بكْر النَّخع، وربيعة بن مالك بن وَهْبيل، وأبيّ بن قيس أخو علقمة بن قيس الفقيه، وقُطِعت رجل علقمة يومئذ، فكان يقول: ما أحِبّ أنّ رجلي أصحّ ما كانت، وإنها لمما أرجو به حسنَ الثواب من ربي عزّ وجلّ، وقال: لقد كنت أحبّ أن أرى في نومي أخي، أو بعض إخواني، فرأيتُ أخي في النوم، فقلت: يا أخي! ماذا قَدمتم عليه؟ فقال لي: إنا التقينا نحن والقوم، فاحتججنا عند الله عزّ وجلّ، فحججْناهم، فما سُررت منذ عقلتُ سروري بتلك الرؤيا (١). (٥: ٣٢).

١١١٢ - قال أبو مِخْنف: حدّثني سُويَد بن حيّة الأسديّ عن الحُضَين بن المنذر: أنّ أناسًا كانوا أتوْا عليًّا قبل الوقْعة فقالوا له: إنا لا نرى خالد بن المعمَّر إلّا قد كاتب معاوية، وقد خشينا أن يتابعَه، فبعَث إليه عليّ وإلى رجال من أشرافنا، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعدُ يا معشر ربيعة! فأنتم أنصارِي، ومجيبو دَعْوَتي، ومِن أوثقِ حيٍّ في العرب في نفسي، وقد بلَغني: أنّ معاوية قد


(١) إسناده تالف، ومرة أخرى يمتدح أبو مخنف بني قومه وأجداده (النخع) تمامًا كما يبالغ سيف في مدح بني قومه ويبالغ في دورهم في حرب الردة.
ولم نجد رواية صحيحة فيما بين أيدينا من المصادر صحيحة تؤيد هذه الرواية والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>