للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاتب صاحبَكم خالد بن المعمَّر، وقد أتيتُ به، وجمعتُكم لأشهِدَكم عليه، ولتسمعوا أيضًا ما أقوله، ثمّ أقبل عليه، فقال: يا خالد بن المعمر! إن كان ما بلغني حقّا فإني أُشهِد الله ومَن حَضرني من المسلمين أنّك آمِنٌ حتى تلحق بأرض العراق، أو الحجاز، أو أرضٍ لا سلطان لمعاوية فيها، وإن كنتَ مكذوبًا عليك، فإنْ صدورنا تطمئنّ إليك، فحلف بالله ما فعل، وقال رجال منّا كثير: لو كنا نعلم أنه فعل؛ أمثلناه، فقال شقيق بن ثوْر السَّدوسيّ: ما وُفّق خالد بن المعمّر أنْ نصَر معاوية وأهل الشأم على عليّ وربيعة! فقال زياد بن خَصفة التّيميّ: يا أمير المؤمنين! استوثِق من ابن المعمَّر بالأيمان لا يغدرنّك. فاستوثق منه، ثم انصرفنا، فلما كان يوم الخميس انهزم الناس من قِبَل الميمنة، فجاءنا علي حتى انتهى إلينا ومعه بنوه، فنادى بصوت عالٍ جهير، كغير المكترِث لما فيه الناس: من هذه الرايات؟ قلنا: رايات ربيعة، فقال: بل هي رايات الله عزّ وجلّ، عصم الله أهلها، فصبّرهم، وثبّت أقدامهم، ثم قال لي: يا فتى! ألا تُدْني رايتَك هذه ذراعًا؟ قلت: نعم والله وعشرَةَ أذرُع؛ فقمت بها فأدنيتُها، حتى قال: إنّ حسبَك مكانك، فثبتُّ حيث أمرني، واجتمع أصحابي (١). (٥: ٣٣).

١١١٣ - قال أبو مخنف: حدّثنا أبو الصّلت التيميّ، قال: سمعتُ أشياخَ الحي من تيم الله بن ثعلبة يقولون: إن راية ربيعة - أهل كوفتها وبصرتها - كانت مع خالد بن المعمر من أهل البصرة. قال: وسمعتهم يقولون: إنّ خالد بن المعمر وسُفيان بن ثور السَّدوسيّ اصطلحا على أن ولّيا راية بكر بن وائل من أهل البصرة الحُضيْن بن المنذر الذُّهليّ، وتنافَسَا في الرّاية، وقالا: هذا فتىً منَّا له حَسَب، نجعلها له حتى نرى من رأينا.

ثم إنّ عليًّا ولَّى خالد بن المعمّر بعدُ راية ربيعة كلَّها، قال: وضرب معاوية لحميَر بسهمهم على ثلاث قبائل، لم تكن لأهل العراق قبائل أكثر عددًا منها يومئذ: على ربيعة، وهَمْدان، ومذحِج، فوقع سهم حِمْير على ربيعة، فقال ذو الكَلاع؛ قبّحك الله من سهم! كرهتَ الضِّراب! فأقبل ذو الكَلاع في حميَر ومَن تعلّقها، ومعهم عبيد الله بن عمرَ بن الخطّاب في أربعة آلاف من قرّاء أهل


(١) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>