ما أمر الله عزّ وجلّ به فيها، وسنّة من أنزلتْ عليه - صلى الله عليه وسلم -، فلا تجيبوهم، أمهلوني عَدْوَ الفرس، فإني قد طمعت في النصر؛ قالوا: إذًا ندخل معك في خطيئتك؛ قال: فحدِّثوني عنكم، وقد قُتل أماثِلُكم، وبقيَ أراذلكم، متى كنتم محقِّين! أحين كنتم تقاتلون وخياركم يُقتلون! فأنتم الآن إذ أمسكتم عن القتال مبطلون، أم الان أنتم محقّون، فقَتْلاكم الذين لا تنكرون فضلَهم فكانوا خيرًا منكم في النار إذًا! قالوا: دعنا منك يا أشتر! قاتَلْناهم في الله عزّ وجلّ، ونَدَع قتالهم لله سبحانه، إنا لسنا مُطيعِيك ولا صاحبك، فاجتنِبْنا، فقال: خُدِعتم والله فانخَدعتم، ودُعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحابَ الجباه السود! كنا نظنّ صلواتكم زَهادةً في الدنيا، وشوقًا إلى لقاء الله عزّ وجلّ، فلا أرى فِراركم إلّا إلى الدنيا من الموت، ألا قبحًا يا أشباهَ النِّيب الجَلّالة! وما أنتم برائين بعدَها عزًّا أبدًا، فابعَدوُا كما بَعِدَ القوم الظالمون! فسبّوه، فسبّهم، فضربوا وجه دابّته بسياطهم، وأقبل يضرب بسوطه وجوهَ دوابّهم، وصاح بهم عليّ فكَفوا؛ وقال للناس: قد قبِلنا أن نجعلَ القرآن بيننا وبينهم حَكمًا، فجاء الأشدث بن قيس إلى عليّ فقال له: ما أرى الناسَ إلا قد رضُوا، وسرّهم أن يجيبوا القومَ إلى ما دعَوْهم إليه من حكم القرآن، فإن شئت أتيتُ معاوية فسألتُه ما يريد، فنظرتَ ما يسأل؛ قال: ائته إن شئتَ فسَلْه، فأتاه فقال: يا معاوية! لأيّ شيء رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع نحن وأنتم إلى ما أمر الله عزّ وجلّ به في كتابه، تبعثون منكم رجلًا ترضَوْن به، ونبعث منّا رجلًا، ثم نأخذ عليهما أن يعمَلا بما في كتاب الله لا يعدُوانه، ثم نتبع ما اتّفقا عليه، فقال له الأشعث بنُ قيس: هذا الحقّ، فانصرف إلى عليّ فأخبرَه بالذي قال معاوية؛ فقال الناس: فإنا قد رصينا وقبِلنا، فقال أهل الشأم: فإنا قد اخترنا عمروَ بن العاص؛ فقاط الأشعث وأولئك الذين صاروا خوارجَ بعد: فإنا قد رضينا بأبي موسى الأشعريّ، قال عليّ: فإنكم قد عصيتموني في أول الأمر، فلا تعصُوني الآن، إني لا أرى أن أولِّيَ أبا موسى.
فقال الأشعث، وزيد بن حُصين الطائيّ، ومسعر بن فدكيّ: لا نرضى إلّا به، فإنه ما كان يحذرنا منه وقعنا فيه؛ قال عليّ: فإنه ليس لي بثقة، قد فارقني، وخذّل الناسَ عني ثم هرب مني حتى آمنتُه بعد أشهر، ولكن هذا ابن عباس ولِّيه ذلك، قالوا: ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس! لا نريد إلّا رحلَّا هو منك ومن