للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمثَل، والله إني لكاتب بين يديْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحُدَيبية إذ قالوا: لستَ رسول الله، ولا نشهد لك به، ولكن اكتب اسمك واسمَ أبيك، فكتبه، فقال عمرو بن العاص: سبحان الله! ومَثَلُ هذا أن نشبّه بالكفّار ونحن مؤمنون! فقال عليّ: يا بن النابغة! ومتى لم تكن للفاسقين وليًّا، وللمسلمين عدوًّا! وهل تشبه إلا أمك التي وضعت بك! فقام فقال: لا يجمع بيني وبينَك مجلسٌ أبدًا بعد هذا اليوم؛ فقال له عليّ: وإني لأرجُو أن يطهّر الله عزّ وجلّ مجلسي منك ومن أشباهِك، وكتب الكتاب.

رجع الحديث إلى حديث أبي مخنف، وكتب الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سُفيان، قاضى عليّ على أهل الكوفة ومَنْ معهم من شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضَى معاوية على أهل الشأم ومن كان معهم من المؤمنين والمسلمين، إنا ننزل عند حُكم الله عزّ وجلّ وكتابه، ولا يجمع بيننا غيره، وإن كتاب الله عزّ وجلّ بيننا مِن فاتحتِه إلى خاتمته، نُحيي ما أحيا، ونُميت ما أمات، فما وجد الحكَمَان في كتاب الله عزّ وجلّ - وهما أبو موسى الأشعريّ عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص القرشي - عَمِلَا به، وما لم يَجِدَا في كتاب الله عزّ وجلّ فالسنة العادلة الجامعة غير المفرّقة، وأخذ الحكَمان من عليّ ومعاوية ومن الجندين من العهود والميثاق والثقة من الناس، أنهما آمنان على أنفسهما وأهلِهما، والأمّة لهما أنصار على الذي يتقاضيَان عليه، وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهدُ الله وميثاقُه أنّا على ما في هذه الصحيفة، وأن قد وجبتْ قضيّتهما على المؤمنين، فإنّ الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهلِيهم وأموالِهم، وشاهِدهم وغائبهم، وعلى عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص عهدُ الله وميثاقُه أن يحكُمَا بين هذه الأمة، ولا تردّاها في حرب ولا فُرقة حتى يُعصيا، وأجَلُ القضَاء إلى رَمضان، وإن أحبّا إن يؤخّرا ذلك أخّراه على تراضٍ منهما، وإن تُوفِّي أحد الحَكَمين فإنْ أمير الشيعة يختار مكانه، ولا يألو من أهل المَعدلة والقِسط، وإنّ مكان قضيّتهما الذي يقضيان فيه مكان عدلٌ بين أهل الكوفة وأهل الشأم؛ وإن رضيَا وأحبّا فلا يَحضرهما فيه إلا من أرادا، ويأخذ الحَكَمان من أرادا من الشهود، ثم يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة،

<<  <  ج: ص:  >  >>