للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَرْميّ، قال: لما كُتبت الصحيفة دُعِيَ لها الأشتر فقال: لا صحِبتْنِي يميني، ولا نفعتْني بعدَها شمالي؛ إن خُط لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادَعة، أوَلستُ على بيّنة من ربّي، ومن ضلال عدوّي! أوَلستم قد رأيتم الظَّفَر لو لم تُجمِعوا على الجور! فقال له الأشعث بن قيس: إنك والله ما رأيت ظَفَرًا ولا جَوْرًا، هلمَّ إلينا فإنه لا رغبة بك عنّا؛ فقال: بلى واللهِ لرغبة بي عنك في الدّنيا للدنيا والآخرة للآخرة، ولقد سفَكَ الله عزّ وجلّ بسيفي هذا دماءَ رجال ما أنت عندي خيرٌ منهم، ولا أحرَم دمًا؛ قال عُمارة: فنظرتُ إلى ذلك الرجل وكأنما قُصع على أنفه الحُمم - يعني: الأشعث (١). (٥: ٥٤/ ٥٥).

١١٣٧ - قال أبو مخنف؛ عن أبي جَناب، قال: خرج الأشعث بذلك الكتاب يقرؤه على الناس، ويَعرِضه عليهم، فيقرؤونه، حتى مرّ به على طائفة من بني تميم فيهم عروة بن أدَيّة، وهو أخو أبي بلال، فقرأه عليهم، فقال عروة بن أدَيَّة: تحكّمون في أمر الله عزّ وجلّ الرجال! لا حكم إلا لله؛ ثم شدّ بسيفه فضرب به عجُز دابته ضربة خفيفة، واندفعت الدّابة، وصاح به أصحابه، أن املك يَدك، فرجع، فغضب للأشعث قومُه وناس كثير من أهل اليمن، فمشى الأحنف بنُ قيس السعديّ، ومعقِل بن قيس الرّياحيّ، وِمِسْعر بن فَدَكِي، وناس كثيرٌ من بني تميم، فتنصّلوا إليه، واعتذروا؛ فقَبِل وصَفح (٢). (٥: ٥٥).

١١٣٨ - قال أبو مخنف: حدّثني أبو زيد عبد الله الأوديّ: أن رجلًا من أوْد كان يقال له: عمرو بن أوس، قاتَلَ مع عليّ يومَ صِفين، فأسره معاوية في أسارَى كثيرين، فقال له عمرو بن العاص: اقتلهم، فقال له عمرو بن أوس: إنك خالي، فلا تقتلْني، وقامت إليه بنو أوْد فقالوا: هب لنا أخانا؛ فقال: دعوه، لعمري لئن كان صادقًا فلنستغنينّ عن شفاعتكم، ولئن كان كاذبًا لتأتينّ شفاعتكم من ورائه، فقال له: من أين أنا خالك! فوالله ما كان بيننا وبين أوْدٍ مصاهَرة؛ قال: فإن أخبرتُك فعرفتَه فهو أماني عندَك؟ قال: نعم؛ قال: ألستَ تعلم أن أمّ حبيبة ابنة أبي سُفيان زوجُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بلى، قال: فإنّي ابنُها، وأنتَ أخوها، فأنت خالي؛ فقال معاوية: لله أبوك! ما كان في هؤلاء واحد يفطن لها


(١) إسناده تالف.
(٢) إسناده تالف.

<<  <  ج: ص:  >  >>