عزّ وجلّ، ويُتعدّى كتابُه، فقاتِلوا مَن تَرَك أمرَ الله عزّ وجلّ. وأمّا الذي ذكرتم من تركه أمرِي وما أنا عليه؛ فليس من أولئك، ولستُ أخافهْ على ذلك، يا ليت فيكم مثله اثنين! يا ليت فيكم مثله واحدًا يرى في عدوّي ما أرَى، إذًا لخفّتْ عليّ مؤونتكم، ورجوتُ أن يستقيم لي بعض أوَدكم؛ وقد نهيتكم عما أتيتم فعصيتموني، وكنت أنا وأنتم كما قال أخو هَوازن:
وهل أَنا إلَّا مِنْ غَزِيَّة إن غَوَتْ ... غَوَيتُ وإن تَرْشُدْ غزيّةُ أَرْشُدِ
فقالت طائفة ممَّن معه: ونحن ما فعلْنا يا أمير المؤمنين إلا ما فعلت؛ قال: نعم، فلِمَ كانت إجابتكم إياهم إلى وضع الحرب عنّا! وأما القضيّة فقد استوثقنا لكم فيها، وقد طمعت ألّا تَضلُّوا إن شاء الله ربّ العالمين.
فكان الكتاب في صفَر، والأجل رمضان إلى ثمانية أشهر؛ إلى أن يلتقي الحَكَمان، ثم إنّ الناس دفنوا قتلاهم، وأمر عليٌّ الأعورَ فنادى في الناس بالرّحيل (١). (٥: ٥٩).
١١٤٣ - قال أبو مِخْنف: حدّثني عبد الرحمن بن جندت عن أبيه، قال: لما انصرفنا من صفِّين أخذنا غير طريقنا الذي أقبلْنا فيه؛ أخذنا على طريق البرّ على شاطئ الفرات، حتى انتهينا إلى هِيتَ، ثم أخذْنا على صَنْدودَاء، فخرج الأنصاريّون بنو سعد بن حرام، فاستقبلوا عليّا، فعرضوا عليه النزول، فبات فيهم ثم غدا، وأقبلْنا معه، حتى إذا جُزْنا النُّخَيلة، ورأينا بيوت الكوفة، إذا نحن بشيخ جالس في ظلّ بيت على وجهه أثر المرض، فأقبل إليه عليّ، ونحن معه حتى سلم عليه وسلمنا معه، فردّ ردًّا حسنًا ظننا أن قد عرفه، قال له عليّ: أرى وجهك منكفئًا فمِنْ مَهْ؟ أمِن مرض؟ قال: نعم، قال: فلعلَّك كرهتَه، قال: ما أحبّ أنه بغيري، قال: أليس احتسابًا للخير فيما أصابك منه؟ قال: بلى! قال: فأبشر برحمةِ ربّك وغفران ذنبِك، مَن أنت يا عَبد الله؟ قال: أنا صالح بن سُلَيم، قال: ممَّن؟ قال: أمّا الأصل فمِن سَلَامَان طيِّئ، وأما الجِوار والدَّعوة ففي بني سُليم بن منصور؛ فقال: سبحان الله! ما أحسَن اسمَك واسمَ أبيك واسمَ أدْعِيائك واسمَ من اعتزيتَ إليه! هل شهدتَ معنا غَزاتنا هذه؟ قال: لا والله