لله أنتم! سَبَق السيفُ العَذَل، إيهًا والله لقد أصابت قومي داهيه" (١)! (٥: ١٢٧).
١١٩١ - قال أبو مخنف: وحدّثني الحارث بن كعب عن عبد الله بن فُقَيْم، قال: سار فينا معقِل فحرّض الناسَ فيما بين الميمنة والميسرة يقول: أيُّها الناس المسلمون! ما تزيدون أفضلَ مما سِيق لكم في هذا الموقف من الأجر العظيم؛ إنّ الله ساقكم إلى قوم منعوا الصدقة، وارتدّوا عن الإسلامِ، ونَكَثوا البيعة ظُلمًا وعدوانًا، فأشهد من قُتل منكم بالجنة، ومَنْ عاش فإن الله مُقِرّ عينَه بالفتح والغنيمة! ففعل ذلك حتى مرّ بالناس كلِّهم، ثم إنه جاء حتى وقف في القلْب برايته، ثم إنه بعث إلى يزيد بن المغفل وهو في الميمنة: أنِ احملْ عليهم، فَحمَل عليهم، فثبَتوا وقاتلوا قتالًا شديدًا، ثم إنه انصرف حتى وقف موقِفه الذي كان به في الميمنة، ثم إنه بعث إلى مِنْجاب بن راشد الضّبيّ وهو في الميسرة، ثم إنّ مِنجابًا حَمَل عليهم، فثَبَتُوا، وقاتَلوا قتالًا شديدًا طويلًا، ثم إنه رجع حتى وقف في الميسرة، ثم إن معقلًا بعث إلى الميمنة والميسرة: إذا حملتُ؛ فاحملوا بأجمعكم، فحرّك رايتَه وهَزّها، ثم إنه حمل وحمل أصحابُه جميعًا، فصبروا ساعةً لهم، ثم إنّ النعمان بن صُهْبان الراسبيّ من جَزم بصُرَ بالخِرّيت بن راشد فحَمَل عليه، فطَعَنه فصرعه عن دابّته، ثم نزل وقد جَرَحه فأثْخنه، فاختَلَفا ضربتين، فقتله النعمان بن صُهْبان، وقُتِل معه في المعركة سبعون ومئة، وذهبوا يمينًا وشمالًا، وبعث معقل بن قيس الخيلَ إلى رحالهم، فسبَى مَن أدرك منهم، فسبى رجالًا كثيرًا ونساءً وصبيانًا، ثم نظر فيهم؛ فأمّا من كان مسلمًا؛ فخلّاه، وأخذ بيعته، وترك له عيالَه، وأما من كان ارتدّ فعرض عليه الإسلام، فرجعوا، وخلّى سبيلهم، وسبيلَ عيالهم إلّا شيخًا منهم نصرانيًّا يقال له: الرُّمَاحس بن منصور؛ قال: والله ما زَللْتُ منذ عقلتُ إلا في خروجي من ديني، دينِ الصّدق إلى دينكم دين السوء، لا والله لا أدع دِيني، ولا أقرب دينكم ما حييت! فقدّمه فضَرَب عنقَه، وجمع معقل الناسَ، فقال: أدُّوا ما عليكم في هذه السنين من الصدقة، فأخذ من المسلمين عِقالَين، وعمَد إلى النصارى، وعيالِهم فاحتملهم مقبلًا بهم، وأقبل المسلمون معهم يشيّعونهم، فأمر معقل بردّهم، فلما انصرفوا تصافحوا فبكوا، وبكى الرجالُ والنساء بعضهم إلى